النصب ، نحو : «أين زيد وهل أخوك زيد فنكرمه»؟ لأنه ليس ثم ما يدل على المصدر ، فلم يبق إلّا أن يكون مرفوعا.
فإن كان ثم مجرور أو ظرف ، نحو : «أين بيتك أفي الدار زيد»؟ تصوّر النصب ، لأنّ هذا المجرور قد ناب مناب الفعل ، ولم يعمل العامل فيه ، ألا ترى أنّه يتصور اللفظ به ، فتقول : أفي الدار استقرّ زيد.
فلما كان ثمّ ما يدل عليه ، ولم يكن منسوخا حمل عليه ، بخلاف : «عليك زيدا» ، إذ لا يلفظ بهذا الفعل هنا أصلا ، فلما صار لا يلفظ به لم يجز معاملته فيحمل عليه ، فيجوز هنا الرفع والنصب.
وأمّا العرض فلا يكون إلّا بالفعل فيتصوّر فيما بعد الفاء الرفع والنصب ، فتقول : «ألا تنزل عندنا فنتحدّث». فالرفع على معنيين : الاستئناف والعطف ، فيكون معنى العطف : ألا تتحدّث؟ ومعنى الاستئناف : فنحن نتحدّث. وأما النصب فمعناه : ألا يكون نزول فيكون بسببه حديث.
وأما التحضيض فلا يكون إلّا بالفعل وهو العرض نفسه ، وليس بينهما فرق بأكثر من أنّ العرض ليس فيه طلب ، إنّما هو أن تعرض الفعل ، وكأنك قلت : آثر فعل هذا إن رأيت فعله ، وحين حضضت فالمعنى : افعله ، لأنّك تطلبه ، فالمسألة واحدة (١).
وأمّا التمني فيتصوّر فيه الرفع والنصب على ما تقدم ، فتقول : «ليت زيدا يقوم فأكرمه» ، فترفع إمّا على العطف أو الاستئناف ، أو تنصبه على ما تقدم ، إلّا أن يكون الكلام دون فعل ، فلا يتصوّر النصب ، نحو : «ليت زيدا أخوك».
فإن كان خبر «ليت» ظرفا أو مجرورا جاز النصب كما كان ذلك في الاستفهام نحو : «ليت لي مالا» ، و «ليت زيدا عندك». لأنّ الظرف والمجرور يدلّان على العامل فيهما ، ومع ذلك فهو غير مرفوض.
وأما الدعاء ، فلا بدّ أن يكون بجملة اسمية أو فعلية ، فإن كان بجملة فعلية ، فلا يخلو من أن يكون الفعل معربا أو مبنيا. فإن كان معربا فحكمه حكم المعرب من الأمر والنهي ،
__________________
(١) يقول النحاة : العرض طلب بلين ، والتحضيض طلب بحثّ.