باب من مسائل «حتى» في الأفعال
«حتى» لا يخلو ما بعدها أن يكون حالا ، أو استقبالا ، أو ماضيا.
فإن كان حالا ، أو ماضيا ، فالرفع ليس إلّا ، وإن كان مستقبلا ، فالنصب ليس إلّا.
ولذلك كله أسباب أوجبت ما ذكرنا.
وعلى الجملة فلا يخلو أن يكون ما قبلها سببا أو لا يكون ، فإن لم يكن فالنصب ليس إلا ، نحو : «سرت حتى تطلع الشمس» ، لأنّ السبب هنا لا يعقل ، فلم يكن لها أكثر من الغاية هنا وهو «إلى أن» ، فلذلك انتصب.
فإذا كان ما قبلها سببا ، فلا يخلو أن يكون الفعل الذي بعدها حالا ، أو مستقبلا ، أو ماضيا.
فإن كان حالا ، أو ماضيا فالرفع ، لأنّها تكون سببا بمنزلة الفاء ، والفاء لا تنصب ، فارتفع ، فتقول : «سرت حتى أدخلها» ، تريد : دخلت لأنّي سرت ، فأنا داخل لأنّي سرت.
فإن كان مستقبلا فإمّا أن تلحظ السببية أو لا تلحظها ، فإن لحظتها ، فحرف السبب الذي يعطي الاستقبال إنّما هو «كي» ، فتقول : «سرت حتى أدخلها» ، أي : كان سيري حتى أدخل. وإن لم تلحظ السبب ، وقصدت مجرد الغاية ، نصبت على معنى الغاية ، وكان المعنى : سرت إلى هذه الغاية ، لأنّ الذي كان لأجل الدخول هو السير.
فالنصب على معنيين ، والرفع على معنيين أيضا. وقد تبيّن لم يرفع إذا كان حالا أو ماضيا ، لأنّه لا بد من السبب ، وليس ثمّ حرف يعطيه من ذلك الزمان إلّا الفاء ، فلم تعمل.