باب من مسائل الفاء
الفاء لا يخلو أن يتقدّمها في هذا الباب كلام تام أو غير تام.
فإن تقدّمها كلام غير تام لم يجز فيما بعد الفاء النصب ، نحو : «ما زيد فمحدّثنا قائم» ، لأنّ العطف على المعنى لا يجوز إلّا بعد تمام الكلام ، وهنا لم يتم.
وزعم بعض الكوفيين أنّه يجوز النصب على التقديم والتأخير ، وذلك لا يجوز عندنا لما قدّمنا.
فإذا تقدّمها كلام تام ، فلا يخلو أن يتأخر ـ له بعد العطف بالفاء ـ معمول أو لا يتأخر. فإن تأخّر له معمول ، نحو : «ما تأتينا فتحدّثنا اليوم» ، فإنّ «تحدثنا» يكون منصوبا بإضمار «أن» ، وهو معطوف على مصدر «تأتينا» المتوهم ، فكما لا يجوز أن تفصل بين المصدر وبين ما يعمل فيه ، فكذلك لا يجوز الفصل بين «ما تأتينا» وما يعمل فيه. لأنّه في تقدير المصدر.
وزعم أكثر أهل الكوفة أنّه يجوز النصب. والصحيح أنّه لا يجوز التقديم إلّا حيث سمع لما ذكرنا.
فإن لم يتأخر له معمول ، فلا يخلو أن تكون الجملة اسمية أو فعلية. فإن كانت الجملة اسمية ، مثل قولك : «ما زيد قائم فيحدّثنا» ، فالرفع على القطع عند أبي بكر وأكثر النحاة.
وزعمت طائفة من النحويين أنّه يجوز النصب. وقد تقدم الصحيح من المذهبين. فإن كانت الجملة فعلية ، فالنصب على معنيين ، والرفع على معنيين ، وقد تقدّم ذلك.