باب من المفعول المحمول على المعنى
لا يجوز إلّا حيث يفهم المعنى. واختلف فيه ، فمنهم من أجازه ضرورة ، ومنهم من أجازه ضرورة على التأويل ، أعني أن يحمل على معنى يصحّ الإعراب عليه. ومنهم من أجازه في الكلام اتكالا على فهم المعنى.
فمذهب من أجاز قلب الإعراب لمجرد الضرورة فاسد ، لأنّه ما من ضرورة إلّا وهي يحاول بها على وجه تصحّ عليه.
والذي أجازه على التأويل حجته أنّه إخراج له عن أصله ، فلا ينبغي أن يجوز إلّا لأجل الضرورة مع حمل الكلام على معنى يصحّ عليه ، والذي أجازه في الكلام والشعر استدل بقوله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)(١). وإنّما المعنى : لتنوء بها العصبة ، لأنّ معنى «ناء بكذا» : نهض به بثقل والمفاتيح لا تثقل بالعصبة ، وإنّما العصبة تثقل بها. ومن كلام العرب : إنّ فلانة لتنوء بها عجيزتها. ومعلوم أنّ العجيزة لا تنوء بها وإنّما تنوء هي بعجيزتها.
وكذلك قولهم : «عرضت الناقة على الحوض» ، وإنّما يعرض الحوض على الناقة.
وكذلك قولهم : «أدخلت القلنسوة في رأسي» ، والمعنى : أدخلت رأسي فيها. فدلّ هذا على أنّه يجوز في الكلام.
__________________
(١) سورة القصص : ٧٦.