بسم الله الرحمن الرحيم
باب اسم الفاعل
١ ـ خلاف النحاة حول الموجب لعمل اسم الفاعل:
العمل أصل في الأفعال فرع في الأسماء والحروف ، فما وجد من الأسماء والحروف عاملا ، فينبغي أن يسأل عن الموجب لعمله.
واسم الفاعل من جنس الأسماء ، فينبغي أن ينظر ما الموجب لعمله. وفي ذلك خلاف بين النحويين.
فمنهم من ذهب إلى أنّ سبب ذلك شبهه بالفعل في جريانه عليه في حركاته وسكناته وعدد حروفه ، لأنّ «ضاربا» جار على «يضرب» في حركاته وسكناته وعدد حروفه.
ومنهم من ذهب إلى أنّ سبب ذلك أنه في معنى الفعل ، ولهذا يعمل اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال والاستقبال ، أو بمعنى المضيّ وهو مذهب الكسائي. ومنهم من ذهب إلى أنّ سبب ذلك أنّه في معنى فعل قد أشبه الأسماء ، فعلى هذا لا يعمل اسم الفاعل إذا كان بمعنى المضيّ.
فأما الكسائيّ فيستدلّ على إعمال اسم الفاعل إذا كان بمعنى المضيّ ما حكاه عن العرب من قولهم : «هذا مارّ بزيد أمس فسوير فرسخا» ، ويقول الله تبارك وتعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)(١). وهذا كله لا حجة فيه. أما «هذا مارّ» بزيد أمس فسوير فرسخا» ، فإنما عمل في المجرور والظرف ، هذا والمجرور والظرف يعمل فيهما معاني الأفعال بخلاف المفعول به ، مثل قول الشاعر [من الرجز] :
أنا ابن ماويّة إذ جدّ النقر (٢)
__________________
(١) الكهف : ١٨.
(٢) تقدم بالرقم ٢٥.