فجزم «يأتيك» بسكون آخره.
واختلف في ذلك ، فمنهم من جعل ذلك على إجراء المعتل مجرى الصحيح ، فلم يجز ذلك إلّا في الياء والواو ، فإنّه يجوز أن تجري مجرى الصحيح ، فيظهر الإعراب في آخرها في الرفع ، فتقول : «يغزو» ، و «يرمي» ، ولا يجوز ذلك في الألف أصلا ، لأنّه لا يظهر فيها الإعراب. وهو الصحيح ، ولذلك قلّ في الواو ، لأنّ ظهور الضمة في الواو أثقل منه في الياء ، وقد جاء ذلك على قلته ، قال الشاعر [من البسيط] :
٥٧٠ ـ هجوت زبّان ثمّ جئت معتذرا |
|
من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع |
ومنهم من جعل ذلك على حذف الضمة المقدرة في الياء والواو ، وأجاز ذلك في الألف ، واستدلّ بقوله تعالى : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى)(٢) ، في قراءة حمزة ، ويقول
__________________
٥٧٠ ـ التخريج : البيت لزبان بن العلاء في معجم الأدباء ١١ / ١٥٨ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٨ / ٣٥٩ ؛ والدرر ١ / ١٦٢ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٦٣٠ ؛ وشرح التصريح ١ / ٨٧ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ١٨٤ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٤٠٦ ؛ وشرح المفصل ١٠ / ١٠٤ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٤٩٢ (يا) ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٢٣٤ ؛ والممتع في التصريف ٢ / ٥٣٧ ؛ والمنصف ٢ / ١١٥ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٥٢.
اللغة : زبّان : اسم رجل.
المعنى : لقد شتمت زبّان ، ثم اعتذرت له ، فكأنّك لم تشتمه ، ولم تتركه سالما.
الإعراب : «هجوت» : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. «زبّان» : مفعول به منصوب بالفتحة. «ثم» : حرف عطف. «جئت» : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. «معتذرا» : حال منصوبة بالفتحة. «من هجو» : جار ومجرور متعلّقان بالفعل «جئت». «زبّان» : مضاف إليه مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون. «لم» : حرف جزم ونفي وقلب. «تهجو» : فعل مضارع مجزوم بـ «لم» وعلامة جزمه حذف حرف العلّة ، و «الواو» زائدة للضرورة الشعرية. والفاعل ضمير مستتر تقديره «أنت».
«ولم» : «الواو» : للعطف ، «لم» : حرف جزم ونفي وقلب. «تدع» : فعل مضارع مجزوم بـ «لم» وعلامة جزمه حذف حرف العلّة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره «أنت».
وجملة «هجوت» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «جئت» : معطوفة على جملة لا محلّ لها. وجملة «تهجو» : في محل نصب حال. وجملة «لم تدع» : معطوفة على السابقة فهي مثلها في محل نصب.
الشاهد فيه قوله : «تهجو» حيث أجرى الشاعر الفعل «تهجو» المعتل مجرى الفعل الصحيح فلم يحذف حرف العلة عند الجزم. ومنهم من يرى أن الواو محذوفة وهذه للإشباع وعليه أعربنا.
(١) سورة طه : ٧٧.