فأمّا المثال الذي أتى به أبو القاسم بجزم جواب النهي وهو : «لا تقصد زيدا تندم» ، فالظاهر أنّه أخذ مذهب أهل الكوفة ، لأنه لم يرد «إن لا تقصد زيدا تندم» ، وإنّما أراد : «إن تقصد تندم».
فإن لم تضمّن الجملة معنى الشرط ، ارتفع الفعل ، نحو : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ)(١). وكذلك قول الشاعر [من البسيط] :
٥٧٤ ـ كرّوا إلى حرّتيكم تعمرونهما |
|
كما تكرّ إلى أوطانها البقر |
__________________
الواغل : الداخل على قوم من غير أن يدعى إلى مشاركتهم في طعامهم أو شرابهم.
أي : إنّه مرتاح البال ، لم يرتكب أيّ إثم يعاقبه عليه الله ، ولم يكن متطفلا.
الإعراب : فاليوم : الفاء : حسب ما قبلها ، اليوم : ظرف متعلّق بـ «أشرب». أشرب : فعل مضارع مرفوع ، وسكّن للتخفيف ، والفاعل : أنا. غير : حال من فاعل «أشرب» منصوب ، وهو مضاف : مستحقب : مضاف إليه مجرور. إثما : مفعول به لاسم الفاعل «مستحقب». من الله : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف صفة لـ «إثما». ولا : الواو : حرف عطف ، لا : لتأكيد النفي. واغل : اسم معطوف على «مستحقب» مجرور. وجملة (أشرب غير مستحقب) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائية.
والشاهد فيه قوله : «أشرب» حيث سكّن الباء ضرورة. ويروى : «فاليوم أسقى» ، وعلى هذه الرواية لا شاهد فيه.
(١) سورة الصف : ١٠.
٥٧٤ ـ التخريج : البيت للأخطل في ديوانه ص ١٧٦ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٨٧ ؛ والكتاب ٣ / ٩٩ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٤٥١ (وطن) ؛ ومعجم ما استعجم ص ٤٨١ ؛ وبلا نسبة في المقرب ١ / ٢٧٣.
اللغة : كرّوا : ارجعوا. الحرّة : أرض ذات حجارة سود نخرة. تعمرونها : تجعلونها عامرة.
المعنى : يعيّر الشاعر خصومه بالنزول إلى الحرّة لحصانتها وامتناع الدليل بها.
الإعراب : كروا : فعل أمر ، والواو ضمير في محلّ رفع فاعل. إلى حريتكم : جار ومجرور متعلّقان بـ «كرّوا» وهو مضاف ، و «كم» ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. تعمرونها : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، والواو ضمير في محلّ رفع فاعل. كما : الكاف حرف جرّ و «ما» مصدرية. تكرّ : فعل مضارع مرفوع. إلى أوطانها : جار ومجرور متعلقان بـ «تكرّ» ، وهو مضاف و «ها» ضمير في محل جرّ بالإضافة. البقر : فاعل مرفوع بالضمّة.
وجملة «كرّوا» ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «تعمرونها» في محلّ نصب حال. والمصدر المؤوّل من «أن» وما دخلت عليه في محلّ جرّ بحرف الجرّ.
الشاهد فيه قوله : «تعمرونها» حيث رفعه لأن الجملة لم تضمّن معنى الشرط بل وقعت موقع الحال بتقديره : «كرّوا عامرين».