وأما جمعهم «أحوص» على «حوص» تارة وعلى «أحاوص» أخرى ، فمن قبيل ما لحظ فيه معنى الوصف تارة ، نحو : «العبّاس» ، ولم يلحظ أخرى ، نحو : «عبّاس».
فإن كان «أفعل من» فيمتنع الصرف. واختلف في سبب منعه للصرف ، فمذهب أهل البصرة أنّه امتنع الصرف لوزن الفعل والصفة ، وزعم أهل الكوفة أنّه امتنع الصرف للزوم «من». وهذا باطل ، لأنّه يلزمهم أن يمنع الصرف من «خير» في قولهم : «مررت برجل خير من عمرو» ، و «هذا خير منك» ، والعرب لم تمنعه الصرف قط ، فدل على أنّه إنّما امتنع من الصرف لوزن الفعل والصفة. فلما زال وزن الفعل صرف.
فإن سمّيت به ، فلا يخلو أن تسمّي به مع «من» أو بغير «من». فإن سميّت به مع «من» فإنّه يمتنع الصرف لوزن الفعل والتعريف. فإن تركته امتنع الصرف لوزن الفعل وقوة شبهه أصله في أنّه نكرة مع «من» كما كان وهو صفة.
فإن سمّيت بـ «أفعل» من غير «من» فإنّه يمتنع الصرف لوزن الفعل والتعريف. فإن نكّرته فإنّه ينصرف قولا واحدا ، فإنّه لا يشبه أصله وقت أن كان صفة ، لأنّه لا يستعمل صفة إلّا بـ «من» ظاهرة أو مقدّرة.
وينبغي أن يعلم أن كل اسم في أوله همزة وبعدها ثلاثة أحرف ، فإنّه يحكم عليها بالزيادة ، وعلى ما عداها بالأصالة إلّا أن يقوم دليل على أصالتها من اشتقاق أو تصريف أو فكّ مدغم.
فمثال ما دلّ الاشتقاق على أصالة همزته «أولق» ، فإنّه مشتق من تألّق البرق ، بدلالة قولهم : «ألق الرجل». فأثبت الهمزة وحذفت الواو.
ومثال ما دلّ التصريف على أصالة همزته «أرطى» (١) عند من يقول : «أديم مأروط» ، فيثبت الهمزة.
ومثال ما يدل الفك على أصالة همزته ما وجد في كلام العرب نحو : «أبقق» (٢) ، فك الإدغام فيه دليل على الأصالة ما لم يقم دليل على زيادة الهمزة أيضا من اشتقاق أو غير
__________________
(١) الأرطى : ضرب من الشجر يدبغ به الجلد.
(٢) أبقق المكان : كثر بقّه.