تقول : إنّما سمي لازما لأنّه بمنزلة حرف من نفس الكلمة ، والدليل على ذلك أنّ العرب إذا صغّرت اسما خماسيّا ليس رابعه حرف مد ولين ، مثل : «سفرجل» يحذفون آخر حرف منه ، وإذا صغّرت ما في آخره تاء التأنيث ، وكان بها على خمسة أحرف ، مثل : «دجاجة» ، فلا تحذف آخره ، وإنما تعامله معاملة الرباعي ، فدلّ على أنّ تاء التأنيث عندهم بمنزلة كلمة أخرى. وهذه الألف عاملوها معاملة حرف من نفس الكلمة ، دليل ذلك أنهم يقولون في تصغير «قرقرى» (١) : «قريقر» ، فيحذفون آخره ، فلهذا سمّوه تأنيثا لازما.
فإن قيل : فينبغي أن لا تسموا التأنيث بالهمزة التي في «حمراء» تأنيثا لازما ، لأنّهم لا يحذفون همزته في التصغير ، فنقول : قد ثبت أن الهمزة في «حمراء» هي غير الألف التي في «قرقرى» ، والدليل على ذلك شيئان : أحدهما أنّ الألف قد ثبتت للتأنيث ، ولم يقم دليل على أنّ الهمزة للتأنيث ، وممكن أن تكون هذه الهمزة منقلبة عن ألف فلا يدعى أنّ الهمزة للتأنيث ، فإذن لم يثبت في غير هذا الموضع فيحمل هذا عليه.
والآخر : أنّها لو كانت غير منقلبة عن حرف لقالوا في «صحراء» : «صحاري» كما يقولون في «قرقرى» : «قراري» ، وكونها تزول لزوال الألف دليل على أنّها حذفت من أجل الألف.
فإن قيل : فلأيّ شيء لم يحذفوها في التصغير كما حذفوا الألف ، فتقول : لمّا حرّكت أشبهت تاء التأنيث ، فلذلك أثبتت في التصغير كما ثبتت الياء.
قوله : ومنها كل جمع ثالث حروفه ألف ، وبعد الألف حرفان أو ثلاثة أحرف ، أو حرف مشدّد ... الفصل».
هذا هو الجمع الذي لا نظير له في الآحاد. واختلف في تسميته جمعا لا نظير له في الآحاد ، فذهب قوم إلى أنه سمّي جمعا لا نظير له في الآحاد ، لأنه ليس في الآحاد على وزنه ، ونعني بوزنه أن يكون موافقا له في الحركات والسكنات وعدد الحروف.
فإن قيل : فإنّ في الآحاد ما هو على وزنه مثل : «سراويل» ، و «ضبع حضاجر» ، ومثل : «ترامى تراميا» ، و «تعاطى تعاطيا» ، و «يمان» ، و «شآم». فالجواب : إنّ «سراويل» أعجمي ، وبتقدير أنّه عربي هو جمع سروالة ، وقد نطق له بمفرده ، قال [من المتقارب] :
٥٩٢ ـ عليه من اللّؤم سروالة |
|
فليس يرقّ لمستعطف |
__________________
(١) قرقرى : موضع خصب باليمامة.
٥٩٢ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في خزانة الأدب ١ / ٢٣٣ ؛ والدرر ١ / ٨٨ ؛ وشرح التصريح