بفعل الفاعل ، فهذا يجيز التعجب إذا عدم اللبس ، فيكون قول الرمادي [من الطويل] :
٤١١ ـ ولا شبل أحمى من غزال كأنّه |
|
من السمر والأحراس في حبس ضيغم |
جائزا ، لأنّه قد عدم اللبس المانع من التعجب. والدليل من هذا البيت أنّ «أفعل» التي للمفاضلة تجري مجرى فعل التعجّب ، فلا يبنى إلّا مما بني منه.
ومنهم من ذهب إلى أنّه لا يجوز التعجّب من فعل المفعول ، لأنّه ليس للمفعول فيما أوقع به من فعل التعجب كسب ، فأشبه لذلك الخلق والألوان ، إذ ليس ذلك من كسب المتعجّب منه ، فعلى هذا يكون بيت الرماديّ الأول لحنا.
ولا يجوز التعجب عند صاحب هذا المذهب إلّا فيما سمع من ذلك وهو : ما أشعله ، وما أجنّه ، وما أولعه ، وما أخوفه عندي ، وما أحبّه إليّ ، وما أمقته عندي ، وما أبغضه إليّ ، والدليل على جواز «ما أخوفه عندي» قول كعب بن زهير [من البسيط] :
٤١٢ ـ فلهو أخوف عندي إذ أكلّمه |
|
وقيل إنّك محبوس ومقتول |
من ضيغم بثراء الأرض مخدره |
|
ببطن عثّر غيل دونها غيل |
__________________
٤١١ ـ التخريج : لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
اللغة : الشبل : ولد الأسد. أحمى : أكثر حمى ومنعة. السمر : الرماح. الضيغم : الأسد.
المعنى : إنها محميّة بالرماح والحرّاس أكثر مما تحمي الأسود أشبالها.
الإعراب : ولا : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «لا» : نافية للجنس. شبل : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب. أحمى : خبر «لا» مرفوع بالضمة المقدرة على الالف. من غزال : جار ومجرور متعلقان بـ «أحمى». كأنّه : حرف مشبه بالفعل ، و «الهاء» : ضمير متصل مبني في محل نصب «اسمها». من السمر : جار ومجرور متعلقان بخبر «كأن» المحذوف. في حبس : جار ومجرور متعلقان بخبر «كأن» المحذوف.
وجملة «لا شبل أحمى من غزال» : بحسب الواو. وجملة «كأنه ... في حبس ضيغم» : في محل جر صفة.
والشاهد فيه قوله : «ولا شبل أحمى من غزال» حيث جاء باسم التفضيل من الفعل «حمى» واسم التفضيل يجري مجرى التعجب في شروط بنائه. وهذا دليل على أنه يجوز التعجب من فعل المفعول. وذهب بعضهم إلى أن في هذا البيت لحنا فلا يقاس عليه.
٤١٢ ـ التخريج : البيتان لكعب بن زهير في ديوانه ص ٦٦ ؛ والدرر ٦ / ٢٦٣ ؛ والمقرب ١ / ٧١ ؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٢٣١ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٦٦.