وقولنا : «خفي سببها» ، تحرّز مما هو غير خفيّ السبب كالألوان فإنّه لا يجوز التعجب منها أصلا عند أهل البصرة إلّا في ضرورة شعرا ، نحو قوله [من البسيط] :
٤١٣ ـ إذا الرجال شتوا واشتدّ أكلهم |
|
فأنت أبيضهم سربال طبّاخ |
__________________
اللغة : ضيغم : من أسماء الأسد ، مخدره : مكانه أي الأسد. عثر : موضع. الغيل : الشجر الملتف.
المعنى : هذا الممدوح أخوف عندي عند ما أكلمه ، وعند ما يقال له إنك إما محبوس وإما مقتول من أسد مفترس يقيم بعيدا في غابات ملتفة ومتداخل بعضها ببعض.
الإعراب : فلهو : «الفاء» : استئنافية ، «اللام» : لام الابتداء ، «هو» : ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. أخوف : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. عندي : مفعول فيه ظرف مكان متعلق بـ (أخوف) ، و «الياء» : ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. إذ : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بـ (أخوف). أكلمه : فعل مضارع مرفوع ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره (أنا). وقيل : «الواو» : حالية ، «قيل» : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. إنك : «إن» : حرف مشبه بالفعل ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل رفع اسمها. محبوس : خبر إن مرفوع بالضمة. ومقتول : «الواو» : حرف عطف ، و «مقتول» : اسم معطوف على (محبوس) مرفوع مثله. من ضيغم : جار ومجرور متعلقان بأخوف. بثراء : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف تقديره كائن. الأرض : مضاف إليه مجرور بالكسرة. مخدره : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. ببطن : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف تقديره كائنة. عثر : مضاف إليه مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. غيل : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. دونها : مفعول فيه ظرف مكان متعلق بخبر مقدم محذوف ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. غيل : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
وجملة «لهو أخوف» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «أكلمه» : في محل جرّ بالإضافة. وجملة «قيل إنك» : في محلّ نصب حال وجملة «إنك محبوس» : في محلّ رفع نائب فاعل. وجملة «بثراء الأرض مخدره» : في محل جرّ صفة. وجملة «ببطن عثر غيل» : استئنافية لا محل لها. وجملة «دونها غيل» : في محل رفع صفة.
والشاهد فيهما قوله : «فلهو أخوف عندي من ضيغم» فقد استدل به على جواز استعمال ما أخوفه.
٤١٣ ـ التخريج : البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص ١٨ ؛ ولسان العرب ٧ / ١٢٤ (بيض) ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٨ / ١٣٩ ؛ وأمالي المرتضى ١ / ٩٢ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ٢٣٠ ؛ وشرح المفصل ٦ / ٩٣ ؛ ولسان العرب ٧ / ١٢٣ (بيض) ، ١٥ / ٩٦ (عمى) ؛ والمقرب ١ / ٧٣.
اللغة : شتوا : دخلوا في الشتاء. اشتد : صار شديدا عسيرا. السربال : القميص ، أو كلّ ما لبس.
المعنى : يهجو أحدهم واصفا إياه بالبخيل الشحيح ، فيقول : عند ما يدخل الناس في فصل الشتاء ، ويعسر عليهم إيجاد ما يأكلونه ، تكون أنت أكثر الناس شحّا ، فطبّاخك لا يعمل ، بل تبقى ملابسه بيضاء ، لأنك لا تولم لأحد ، ولا تطبخ شيئا.