فأبدل «طعانهم» من الضمير المرفوع في «يمنعه» لأنّه خبر للضمير الذي في «ليس» ، فحمله على المعنى.
وقد يجوز أن تجعل «إلّا» أيضا صفة كما تقدم.
فإن كان الكلام الواقع قبل «إلّا» منفيّا ، فلا يخلو أن يكون ما قبلها مفرّغا (١) لما بعدها أو غير مفرغ. فإن كان مفرغا ، فيكون الاسم على حسب ما يطلب العامل من رفع أو نصب أو خفض. وإن كان غير مفرغ ، جاز فيما بعد «إلّا» وجهان ، أحسنهما أن يكون مبدلا من الاسم الذي قبله على حسب إعرابه من رفع أو نصب أو خفض ، لأنّ فيه مجانسة الاسم الذي بعد «إلّا» لما قبلها من الإعراب ، والمجانسة مما تلحظها العرب وتؤثرها.
والثاني : النصب على الاستثناء. ويجوز جعل «إلّا» أيضا صفة كما تقدم.
ومن الناس من لم يجز البدل إلّا بشرط أن يكون المبدل منه لفظا لا يستعمل إلّا في النفي ، نحو : «ما قام أحد إلّا زيدا» ، فأما : «ما قام القوم إلّا زيدا» ، فلا يجوز فيه عنده إلّا النصب.
وذلك باطل بدليل قراءة من قرأ : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ)(٢). برفع «القليل» على البدل من الضمير ، والضمير ليس من الألفاظ المختصة بالنفي.
ويجري مجرى النفي : «قلّ رجل يقول ذاك إلّا زيد» ، وقد يستعمل في مقابلة «كثر» ، فإذا استعملت بمعنى النفي ، فإجراؤها مجراه بيّن ، وإذا استعملت في مقابلة «كثر» أجروها أيضا مجرى النفي ، ووجه ذلك لحظهم فيها أنّها نفي لكثر.
فإذا قال : «قلّ رجل يقول ذاك» ، فكأنه قال : لم يكثر القائلون ذلك من الرجال.
__________________
واسم (ليس) ضمير مستتر. يمنعه : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. إلا : حرف استثناء مهمل. طعانهم : فاعل مرفوع بالضمّة ، و «هم» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. للموت : جار ومجرور متعلقان بـ (حانا). من : اسم موصول في محل نصب مفعول به للمصدر (طعان). حانا : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو) ، و «الألف» : للإطلاق.
وجملة «حموا» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «يمنعه» : في محلّ نصب خبر (ليس). وجملة «حانا» : صلة الموصول لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «ليس يمنعه إلا طعانهم» حيث اعتبر أن (طعان) بدل من الفاعل المستتر لـ (يمنعه). وعلى هذا التخريج أعربنا.
(١) الاستثناء المفرّغ هو ما لم يذكر فيه المستثنى منه ، وعكسه غير المفرّغ.
(٢) سورة النساء : ٦٦.