باب الاستثناء المقدم
الاستثناء المقدّم لا يخلو أن يتقدّم على المستثنى منه أو على صفته ، فإن تقدم على المستثنى منه ، فلا يجوز فيه إلّا النصب.
وزعم بعض النحويين أنّه يجوز فيه النصب على الاستثناء ، وأن يكون ما بعد «إلّا» مبنيّا على ما قبلها ، ويكون المستثنى منه تابعا للاسم الذي قبله على الصفة أو على البدل.
وهذا الذي ذهب إليه باطل ، لأنّه إذا قال : «ما قام إلّا زيدا أحد» ، فلا يخلو أن يجعل «أحد» فاعل «قام» ، و «إلّا زيدا» بدلا منه ، أو يجعل «إلّا زيدا» فاعلا و «أحد» بدلا منه.
فإن جعل «أحد» فاعلا بـ «قام» و «إلا زيدا» بدلا منه ، فباطل ، لأن البدل تابع وحكم التابع أن يكون بعد المتبوع.
فإن جعله فاعلا و «أحدا» بدلا منه فباطل ، لأنّ «أحد» أعم من «زيد» ، فلو جعلته بدلا ، لكان عكس البدل ، لأنّه ليس من أقسام البدل بدل كلّ من بعض.
وقد يجوز ذلك على وضع العام موضع الخاص ، فيكون بدل الشيء من الشيء إلّا أنّه لا يجوز ذلك إلا ضرورة ، مثل قوله [من الطويل] :
٦٣٦ ـ رأت إخوتي بعد الولاء تتابعوا |
|
فلم يبق إلّا واحد منهم شفر |
__________________
٦٣٦ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في الدرر ٣ / ١٦٣ ؛ ورصف المباني ص ٨٨ ؛ ولسان العرب ٤ / ٤١٩ (شفر) ؛ والمقرب ١ / ١٦٩ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٢٢٥.
اللغة : ما بالدار شفر (بضم الشين وفتحها) : ما فيها أحد.
المعنى : لقد شاهدت كيف تتابع إخوتي بعد ما كانوا مجتمعين على كلمة واحدة ولاء وعهدا ، فلم يبق منهم إلا واحد.