لهي أسود من القار. ويقول أمّ الهيثم : هو أسود من حنك الغراب (١). وهذا من القلة بحيث لا يقاس.
وقولنا : «وخرج بها المتعجب منه عن نظائره أو قل نظيره» ، لأنه لا يجوز التعجب إلّا مما كان من الصفات قد يزيد زيادة لا يمكن أن يكون لها نظير ، وإن وجد فقليل ، ولذلك لم يجز التعجّب من الله تعالى إلّا قليلا لأنّه لا نظير له. وإذا جاء فمجاز ومشبّه بما يجوز التعجب منه. ومن ذلك قول الشاعر [من البسيط] :
٤١٥ ـ ما أقدر الله أن يدني على شحط |
|
من داره الحزن ممّن داره صول |
__________________
(١) انظر : لسان العرب ١٠ / ٤١٧ (حنك).
٤١٥ ـ التخريج : البيت لحندج بن حندج المرّي في الدرر ٦ / ٢٦٦ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٨٣ ؛ ومعجم البلدان ٣ / ٤٣٥ (صول) ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٢٣٨ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧ / ١٦٤ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٤٥ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٦٧.
اللغة : يدني : يقرّب. على شحط : على بعد. الحزن : موضع ، وكذلك صول.
المعنى : يقول إن الله ـ جلّ وعزّ ـ قادر على تقريب البعيد ، فبقدرته يقترب الذي داره في «الحزن» من الذي داره في «صول».
الإعراب : «ما» : نكرة تامّة بمعنى شيء في محلّ رفع مبتدأ. «أقدر» : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). «الله» : لفظ الجلالة مفعول به منصوب لفظا بالفتحة ، مرفوع معنى على أنه الفاعل. «أن» : حرف مصدري ناصب. «يدني» : فعل مضارع منصوب بالفتحة المقدّرة على الياء ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). والمصدر المؤول من «أن» وما بعدها في محل نصب بنزع الخافض. «على شحط» : جار ومجرور متعلّقان بـ «يدني». «من» : اسم موصول بمعنى «الذي» في محلّ نصب مفعول به. «داره» : خبر مقدّم مرفوع بالضمّة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. «الحزن» : مبتدأ مؤخّر مرفوع بالضمة. «ممن» : «من» : حرف جر ، «من» : اسم موصول بمعنى «الذي» في محل جرّ بحرف الجر. «داره» : خبر مقدّم مرفوع بالضمّة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. «صول» : مبتدأ مرفوع بالضمة.
وجملة «ما أقدر الله» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «أقدر الله» : في محلّ رفع خبر للمبتدأ (ما). وجملة «يدني» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها. وجملة «داره الحزن» : صلة الموصول لا محلّ لها. وجملة «داره صول» : صلة الموصول لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «ما أقدر الله» حيث جاء التعجب هنا مجازيّا ومشبّها بما يجوز التعجب منه ، لأنه لا يجوز التعجب من الله تعالى لأنه لا نظير له.