فإن قيل : فلأي شيء أقحمت اللام؟ فالجواب : إنّها أقحمت لأنّ «لا» لا تعمل في المعارف شيئا ، وما أضيف إلى المعرفة معرفة ، وهذه الأسماء مضافة إلى معرفة ، فزيدت اللام إصلاحا للفظ ، حتى يصير كأنّه غير مضاف.
ويجوز في هذا الباب الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمجرور والظرف ، وإن كان ذلك لا يجوز إلّا في الشعر ، مثل قوله [من البسيط] :
٦٥٤ ـ كأنّ أصوات من إيغالهنّ بنا |
|
أواخر الميس أصوات الفراريج |
وسبب ذلك كون المضاف إذا أقحمت عليه اللام في هذا الباب على ضرورة غير المضاف.
وقوله في آخر هذا الباب : «قد تزاد «لا» بين العامل والمعمول».
هذا الذي ذكره لا يكون إلّا بين المضاف والمضاف إليه وبين حرف الجر والمجرور ،
__________________
٦٥٤ ـ التخريج : البيت لذي الرمة في ديوانه ص ٩٩٦ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ١٠٨ ، ٤١٣ ، ٤١٩ ؛ والحيوان ٢ / ٣٤٢ ؛ والخصائص ٢ / ٤٠٤ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ١٠ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٩٢ ؛ والكتاب ١ / ١٧٩ ، ٢ / ١٦٦ ، ٢٨٠ ؛ ولسان العرب ٧ / ٢٤٤ (نقض) ؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٨٦٣ ؛ ورصف المباني ص ٦٥ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٠٨٣ ؛ وشرح المفصل ١ / ١٠٣ ، ٣ / ٧٧ ، ٤ / ١٣٢ ؛ وكتاب اللامات ص ١٠٧ ؛ والمقتضب ٤ / ٣٧٦.
اللغة : الإيغال : الإبعاد. الميس : شجر تتخذ منه الرحال والأقتاب. الفراريج : جمع فرّوج ، وهو الصغير من الدجاج.
المعنى : إن أصوات الرّحال والأقتاب عند ابتعاد الإبل بنا أصبحت ضعيفة مثل أصوات الدجاج الصغيرة.
الإعراب : «كأن» : حرف مشبه بالفعل. «أصوات» : اسم «كأن» منصوب بالفتحة ، وهو مضاف. «من» : حرف جر. «إيغالهن» : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة ، والجار والمجرور متعلقان بحال محذوفة ، «هن» : ضمير متصل في محلّ جر مضاف إليه. «بنا» : جار ومجرور متعلقان بالمصدر «إيغال» المضافة إلى (أواخر). «أواخر» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «الميس» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «أصوات» : خبر «كأن» مرفوع بالضمة. «الفراريج» : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.
والشاهد فيه قوله : «كأن أصوات من إيغالهن بنا أواخر الميس» حيث فصل بين المضاف «أصوات» والمضاف إليه «أواخر الميس» بالجارين والمجرورين «من إيغالهن بنا» وأصل الكلام : «كأن أصوات أواخر الميس أصوات الفراريج من إيغالهن بنا».