واختلف في تقديمه ، فذهب المازني إلى أنّه يجوز ، واستدل على ذلك بقوله [من الطويل] :
٦٦٣ ـ أتهجر سلمى بالفراق حبيبها |
|
وما كان نفسا بالفراق يطيب |
قال : وإذا كان العامل متصرّفا ، فلا مانع له من التصرف في معموله. ومنهم من قال : لا يجوز تقديمه.
واختلف في المانع من ذلك ، فقال أبو علي والزجاج : إنّما لم يجز لأنّه منقول من الفاعل ، فكما أنّ الفاعل لا يجوز تقديمه لا يجوز تقديم ما نقل منه. وأيضا فإن التمييز مبيّن لما قبله كالنعت ، والنعت لا يجوز تقديمه على المنعوت ، فكذلك هذا.
ولا حجة فيما ذكرا ، أما أن التمييز منقول من الفاعل ، فقد يكون منقولا من المفعول ، كقوله تعالى : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً)(٢).
__________________
علمت ...» : استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد : قوله : «نارا» حيث وقع تمييزا لـ «مثلها» متوسطا بين الفعل والفاعل وهذا جائز.
٦٦٣ ـ التخريج : البيت للمخبل السعدي في ديوانه ص ٢٩٠ ؛ والخصائص ٢ / ٣٨٤ ؛ ولسان العرب ١ / ٢٩٠ (حبب) ؛ وللمخبل السعدي أو لأعشى همدان أو لقيس بن الملوح في الدرر ٤ / ٣٦ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٢٣٥ ؛ وللمخبل السعدي أو لقيس بن معاذ في شرح شواهد الإيضاح ص ١٨٨ ؛ وبلا نسبة في أسرار العربيّة ص ١٩٧ ؛ والإنصاف ص ٨٢٨ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٢٦٦ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٣٣٠ ؛ وشرح المفصل ٢ / ٧٤ ؛ والمقتضب ٣ / ٣٦ ، ٣٧ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٢٥٢.
المعنى : يقول : إذا هجرت سلمى حبيبها وتباعدت عنه ، فإنّ هذا التباعد لا يطيب لها ، ولن ترضى به.
الإعراب : «أتهجر» : الهمزة للاستفهام الإنكاري ، «تهجر» : فعل مضارع مرفوع. «سلمى» : فاعل مرفوع. «بالفراق» : جار ومجرور متعلّقان بـ «تهجر». «حبيبها» : مفعول به ، وهو مضاف ، و «ها» ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. «وما» : الواو حاليّة ، «ما» : نافية. «كان» : فعل ماض ناقص ، واسمها ضمير الشأن. «نفسا» : تمييز منصوب. «بالفراق» : جار ومجرور متعلّقان بـ «يطيب». «يطيب» : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «هو».
وجملة : «أتهجر ...» ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «وما كان ...» في محلّ نصب حال. وجملة : «يطيب» في محلّ نصب خبر «كان».
الشاهد : قوله : «نفسا» حيث وردت تمييزا متقدّما على عامله «يطيب». والأصل : «يطيب نفسا». وقد جوّزه بعضهم ، واعتبره بعضهم الآخر ضرورة.
(١) سورة القمر : ١٢.