لا تقول : «ما أحسن زيدا» ، إلا وهو في الحال حسن ، وإذا أردت الماضي أدخلت «كان» ، فقلت : «ما كان أحسن زيدا».
ومنهم من ذهب إلى أنّه بمعنى المضيّ ، إبقاء للصيغة على بابها ، إلّا أنه يدلّ على الماضي المتصل بزمان الحال ، فيحصل الحال بحكم الانجرار. فإذا أردت الماضي المنقطع أتيت بـ «كان». وهذا المذهب أولى لما فيه من إبقاء اللفظ على بابه ، ألا ترى أن «أفعل» صيغة الماضي.
[٦ ـ المجيء بـ «كان» في التعجب] :
وإذا أتيت بـ «كان» فلا يخلو أن تأتي بها بعد الفعل أو قبله أو بعده وقبله. فإن أتيت بها قبل الفعل ، فقلت : «ما كان أحسن زيدا» ، ففي ذلك خلاف بين النحويين. فمنهم من ذهب إلى أنّ «كان» زائدة و «أحسن» في موضع الخبر. ومنهم من ذهب إلى أنّها في موضع خبر «ما» ، واسمها مضمر فيها يعود على «ما» ، والجملة التي هي «أفعل» وفاعلها ومفعولها في موضع خبرها.
وهذا فاسد ، لأنّ «ما» التعجبية لا يكون خبرها إلا على وزن «أفعل» ، إلا فيما جاء من هذا محذوف الهمزة ، نحو قولهم : «ما خير اللبن للصّحيح ، وما شرّه للمبطون (١)»! والذاهبون إلى أنّها زائدة اختلفوا فيها ، فمنهم من جعل لها فاعلا ، وهو مضمر المصدر ، وهو السيرافي ، ومنهم من ذهب إلى أنها مفرغة ليس لها فاعل ، وهو أبو علي الفارسي.
واستدلّ السيرافي على صحة مذهبه بأن الفعل لا بد له من فاعل ، وتكون على مذهبه تامة.
واستدلّ الفارسيّ على صحة مذهبه بأنّ زيادة المفرد أولى من زيادة الجملة ، وإذا كانت مفرغة كانت من قبيل المفردات.
فإن قيل : إنّها فعل ، والفعل لا بد له من فاعل ، فالجواب : إنّ الفعل إذا استعمل
__________________
(١) المبطون : من به داء في البطن.