باب المعرب والمبني
المعرب هو ما يغير آخره بدخول العوامل عليه لفظا أو تقديرا ، والمبني هو اللفظ الذي لزم آخره حالة واحدة.
والكلم ثلاث : اسم ، وفعل ، وحرف. فأمّا الحرف فمبنيّ ، وأمّا الفعل فينقسم ثلاثة أقسام : ماض ، ومضارع ، وأمر بغير لام.
أما الماضي فمبني على الفتح ، وأمّا المضارع فمعرب لشبهه بالاسم. وشبهه بالاسم من أربع جهات ، وذلك أنّه وقع موقعه تقول : «زيد يقوم» ، كما تقول : «زيد قائم». وأنّه مبهم مثله ، تقول : «يقوم» فيحتمل الزمانين ، وبدخول لام الابتداء عليه ، تقول : «إنّ زيدا ليقوم» ، فيختص بالحال كما تقول : «إنّ زيدا لقائم» ، فيتخصص أيضا بالحال (١).
وأمّا الأمر بغير لام ففيه خلاف. فمذهب أهل البصرة أنه مبنيّ ، ومذهب أهل الكوفة أنه معرب (٢). احتج أهل البصرة على أنه ليس بمعرب بأدلة منها أن قالوا : إنّ الفعل ليس أصله الإعراب ، وإنّما أصله البناء على ما يبيّن بعد إن شاء الله تعالى ، وإنّما أعرب منه ما أعرب لشبهه بالاسم ، وهذا لم يشبهه ، فلذلك لم يعرب. ومنها أن قالوا : لو كان معربا لكان له جازم ، والجازم لا يخلو من أن يكون ظاهرا أو مضمرا ، وليس في اللفظ جازم ، فلم يبق إلّا أن يكون مضمرا ، وإضمار الجازم وإبقاء عمله لا يجوز إلّا في ضرورة ، نحو قوله [من الوافر] :
محمّد تفد نفسك كلّ نفس |
|
إذا ما خفت من أمر تبالا (٣) |
__________________
(١) لعل في الكلام سقطا ، إذ لم يذكر سوى ثلاث جهات.
(٢) انظر المسألة الثانية والسبعين من كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف ص ٥٢٤ ـ ٥٤٩
(٣) تقدم بالرقم ٥٤٥.