استعمال ما لا يحتاج إلى فاعل استغنى عن الفاعل ، دليل ذلك «قلّما» فإنّها لما استعملت استعمال «ما» في أنّ المراد بها النفي ، لم تحتج إلى فاعل. فكذلك «كان» لمّا استعملت للدلالة على الزمن الماضي ولم يرد بها أكثر من ذلك استغنت عن الفاعل ، كما استغنى عنه الظرف ، نحو : «أمس».
وإن أتيت بـ «كان» بعد الفعل ، فلا بد من إدخال «ما» المصدرية على «كان» ، فتقول : «ما أحسن ما كان زيد» ، برفع «زيد» على أنّه فاعل «كان» ، و «ما» مصدرية ، وهي مع ما بعدها في موضع مفعول فعل التعجب ، كأنّه في التقدير : «ما أحسن كون زيد»! ومنهم من أجاز نصب «زيد» على أن تكون «ما» بمنزلة «الذي» ، و «كان» ناقصة واسمها مضمر فيها يعود على «ما» و «زيد» خبرها. وهذا فاسد من جهة المعنى ، ألا ترى أنّ المعنى إذ ذاك : ما أحسن الذي كان زيد ، ويغني عن ذلك : ما أحسن زيدا. وأيضا فإنّ «ما» المصدرية لا ينبغي أن تدخل إلّا على ما له مصدر ، وهو الفعل التام.
فإن كرّرت «كان» كانت كل واحدة منهما على ما استقرّ فيها قبل التكرار.
[٧ ـ الأفعال التي تزاد في التعجب] :
ولا يزاد في هذا الباب من الأفعال إلّا «كان» عند أهل البصرة ، وقاس أهل الكوفة على ذلك سائر أخواتها ما لم يناقض معنى الفعل المزيد فيه معنى التعجب ، وحكوا من كلام العرب : «ما أصبح أبردها» ، و «ما أمسى أدفأها» ، يعني الدنيا. ومنهم من أجاز زيادة كل فعل لا يتعدّى ، نحو : «ما قام أحسن زيدا» ، إذا أردت : ما أحسن قيام زيد فيما مضى ، واستدلّ على ذلك بقوله [من الوافر] :
على ما قام يشتمني لئيم |
|
كخنزير تمرّغ في رماد (١) |
ف «قام» زائدة ، والمعنى : علام يشتمني لئيم.
وكذلك استدل بقول الآخر [من البسيط] :
فالآن قرّبت تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فما بك والأيام من عجب (٢) |
__________________
(١) تقدم بالرقم ٢٧٣.
(٢) تقدم بالرقم ١٤٠.