فـ «اذهب» زائدة ، وحكوا من كلام العرب : فلان قعد يتهكّم بعرض فلان. على زيادة قعد ، وحكى الكسائي : «ما مرّ أغلظ أصحاب موسى» ، على معنى : أغلظ ما مرّوا ، وهذا من القلة والشذوذ بحيث لا يقاس عليه.
ولا يجوز تقديم معمول فعل التعجب على «ما» ولا على فعل التعجب نفسه. واختلف في الفصل بينه وبين معموله بالظرف والمجرور ، فمنهم من أجاز ، ومنهم من منع. فالمانع يحتجّ بضعف هذا الفعل وقلّة تصرّفه ، والذي يجيز يحتج بأنّ ذلك قد جاء في الحرف مع أنّ الحرف أضعف من الفعل ، فالأحرى أن يجوز مع الفعل ، وذلك نحو قولك : «إنّ بك زيدا مأخوذ»
فإن قيل : إنّ الحرف قد خرج من الباب الأضعف إلى الباب الأقوى لشبهه بالفعل ، وفعل التعجب خرج من الباب الأقوى وهو الفعل إلى الباب الأضعف وهو الحرف ، فالجواب : إنّ فعل التعجب قويّ الأصل لأنّه فعل ، و «إنّ» ضعيفة الأصل لأنها حرف ، فلا أقلّ من أن يكونا في رتبة واحدة.
والصحيح أنّ ذلك جائز. وحكي من كلام العرب : «ما أحسن بالرجل أن يصدق» ، ومن كلام عمرو بن معديكرب : «لله درّ بني مجاشع ، ما أكثر في الهيجاء لقاءها ، وأكثر في اللزبات عطاءها»!
فصل
[٨ ـ صيغة «أفعل به»] :
و «أفعل به» في معنى «ما أفعله» ، ولا يجوز بناؤه إلّا فيما بني منه «ما أفعله». واختلف في المجرور ، فمنهم من جعله في موضع رفع ، ومنهم من جعله في موضع نصب ، فالذي جعله في موضع رفع استدلّ على ذلك بأنّ «أفعل» فعل والفعل لا بدّ له من فاعل ، ولا فاعل ملفوظ به ولا مقدّر ، إذ لو كان مضمرا لبرز في بعض الأحوال ، فدلّ ذلك على أنّ المجرور فاعل ، والباء زائدة.
جمل الزجاجي / ج ٢ / م ٤