باب المقصور والممدود
اختلف النحويون في سبب تسمية الأسماء التي في آخرها ألف مقصورة ، فمنهم من زعم أنّه سمي مقصورا ، لأنّه قصر عن الإعراب أي منع منه ، ومنه قوله تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ)(١) ، أي : ممنوعات.
ومنهم من ذهب إلى أنه سمّي مقصورا لأنّه قصر عن الغاية التي للمد ، ألا ترى أن الألف أطول ما تكون مدّا إذا كان بعدها همزة ، فإذا لم يكن بعدها همزة قصرت عن الغاية التي كانت لها من المد مع الهمزة. وهذا المذهب الأخير عندي أحسن ، وإن كان سيبويه ذهب إلى الأول ، لتسميتهم مثل «حمراء» ممدودا لجعلهم الممدود في مقابلة المقصور ، دليل على أنّ المراد بتسميتها مقصورة أنّها قد قصرت عن رتبة الممدود.
وهذا الباب ينقسم قسمين : مقيس ومسموع. فالمقيس كل ما له قياس يوجب قصره أو مده. والمسموع : ما لا يعرف مده وقصره إلّا بطريق السماع.
فالمقيس من المقصور كلّ مصدر لفعل غير متعد معتل اللام على «فعل» ، واسم الفاعل منه على وزن «فعل» ، أو «أفعل» ، أو «فعلان» ، فإنّه مقصور على وزن فعل ، نحو : «عمي عمى فهو أعمى» ، و «صدي صدى فهو صد» ، و «طوي طوى فهو طيّان». وشذّ من ذلك «الغراء» ، يقال : «غري يغرى فهو غر» ، والمصدر الغراء ، قال الشاعر [من الطويل] :
٦٨١ ـ إذا قلت مهلا غارت العين بالبكا |
|
غراء ومدّتها مدامع حفّل |
__________________
(١) سورة الرحمن : ٧٢.
٦٨١ ـ التخريج : البيت لكثيّر عزّة في ديوانه ص ٢٥٥ ؛ وأمالي القالي ١ / ٦٠ ؛ وسمط اللآلي