باب المذكّر والمؤنّث
قد تقدم أن أقسام الكلام ثلاثة ، إذ لا يمكن أن تكون أزيد بالدليل الذي تقدم.
فأمّا الأفعال فمذكرة كلها لأمرين : أحدهما أنّ الفعل مدلوله الجنس ، والجنس مذكّر ، فكذلك الفعل. والآخر : أنّ العرب إذا سمّت بالفعل الزائد على ثلاثة أحرف الذي وزنه مشترك صرفته.
قال سيبويه : سمعناهم يصرفون الرجل يسمّى بكعسب وهو «فعلل» من «الكعسبة» ، وهي شدة المشي مع تداني الخطى. ولو كان مؤنثا لامتنع الصرف للتعريف والتأنيث.
فإن قيل : ولعل الفعل مؤنث ، بدليل لحاق علامة التأنيث له ، بدليل قولهم : «قامت هند». فالجواب : إنّ هذه التاء ، إنّما لحقت لتأنيث الفاعل لا لتأنيث الفعل بدليل أنّها تثبت مع المؤنث وتسقط مع المذكر. ولو كانت لتأنيث الفعل لثبتت في كل موضع سواء كان الفاعل مذكرا أو مؤنثا.
فإن قيل : وكيف تلحق علامة التأنيث الفعل والمراد بها الاسم؟
فالجواب : إنّ العرب قد فعلت مثل ذلك في قولهم : «هذا حبّ رمّاني» ، و «هذا جحر ضبّ خرب» ، والمعنى إنّما للجحر والحبّ.
وأمّا الحروف فتذكر وتؤنث ، فإن ذهبت بها إلى الحرف ، ذكّرت وإن ذهبت بها إلى الكلمة أنّثت ، والغالب عليها التأنيث.
وأما الأسماء فتذكّر وتؤنّث. فالمؤنث ينقسم قسمين : قسم لا علامة فيه للتأنيث ، وقسم يؤنث بعلامة.