إخبار المؤنث والمذكر ، فتقول : «انكسرت الشجر». و «انكسر الشجر». فإن كان اسم جمع ، فلا يخلو أن يكون عاقلا ، أو غير عاقل. فإن كان عاقلا ، فهو مذكر ، وليس من هذا الباب. وإن كان لما لا يعقل ، فالعرب تخبر عنه إخبار المؤنث ، فتقول : «جرت الدود».
فإن كان جمع تكسير ، فالعرب تخبر عنه إخبار المؤنث والمذكر ، فتقول : «انكسرت الجذوع» ، و «انكسر الجذوع» ، فتذكّر إن ذهبت به مذهب جمع ، وتؤنّث إن ذهبت به مذهب جماعة.
فإن كان جمع سلامة ، ففيه خلاف. فمذهب أهل البصرة أنّ حكمه حكم المفرد ، ومذهب أهل الكوفة أنّ حكمه حكم التكسير ، فيذكّر على معنى جمع ، ويؤنّث على معنى جماعة.
وأبو علي الفارسي يفصّل فيقول : إن وقع جمع السلامة على مذكر فالإخبار عنه إخبار المذكر ، وإن وقع على مؤنث فتخبر عنه إخبار المؤنث والمذكر بدليل قول الشاعر [من الطويل] :
٧٢٥ ـ عشيّة قام النّائحات وشقّقت |
|
[جيوب بأيدي مأتم وخدود] |
وقوله عزوجل : (إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ)(٢).
__________________
٧٢٥ ـ التخريج : البيت لأبي عطاء السندي في أمالي القالي ١ / ٢٧٢ ؛ ولسان العرب ١٢ / ٣ ، ٤ (أتم) ؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ٢٤ ؛ ورصف المباني ص ١٦٧ ، والخزانة ٩ / ٥٤٠.
اللغة : النائحات : الباكيات على الميت ؛ وكانت عادة المرأة في الجاهلية أن تشقّ جيب قميصها إشارة لما تعانيه من فقدها للميت العزيز ، وتخمش خدودها.
الإعراب : عشية : بدل من «يوم» في البيت السابق ، و «يوم» : منصوب على الظرفية الزمانية ، متعلق بالفعل «تجد». قام : فعل ماض مبني على الفتح. النائحات : فاعل مرفوع بالضمّة. وشقّقت : «الواو» : للعطف ، «شقّقت» : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. جيوب : نائب فاعل مرفوع بالضمّة. بأيدي : جار ومجرور متعلّقان بـ (شققت). مأتم : مضاف إليه مجرور بالكسرة. وخدود : «الواو» : للعطف ، «خدود» : معطوف على (جيوب) مرفوع بالضمّة.
وجملة «قام» : في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة «شققت» : معطوفة عليها في محلّ جرّ بالإضافة.
والشاهد فيه قوله : «قام النائحات» حيث أخبر عن جمع الإناث بـ (قام) مكان (قامت).
(١) سورة الممتحنة : ١٢.