من «ما» ، وذلك أنّها اختصّت بما دخلت عليه ، و «ما» ليست كذلك. والصحيح أنّ ذلك يجوز بدليل قوله تبارك وتعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ)(١). فـ «حاجزين» خبر «ما» ، وهو منصوب ، فثبت أنّها حجازية وقد فصل بينها وبين اسمها بمجرور الذي هو «منكم» ، فإذا فصل بين «ما» واسمها بمجرور ليس في موضع خبرها الذي لا يجوز في «إنّ» إلّا قليلا ، كقول الشاعر [من الطويل] :
فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها |
|
أخاك مصاب القلب جمّ بلابله (٢) |
فالأحرى أن يجوز بالمجرور الذي هو في موضع الخبر الجائز في «إنّ» في فصيح كلام العرب نحو : «إنّ في الدار زيدا»
[١ ـ دخول الباء على خبر «ما»] :
ويجوز دخول الباء على الخبر ، وفي دخولها خلاف ، فمنهم من لا يدخلها إلّا مع التأخير ، وذلك حيث ينصب الخبر ، ولا يجيز دخولها مع التقديم.
ومنهم من أجاز دخولها مع التقديم والتأخير في اللغتين معا ، وهو الصحيح بدليل قول الشاعر [من الوافر] :
٤٢٣ ـ أما والله أن لو كنت حرّا |
|
وما بالحرّ أنت ولا القمين |
__________________
(١) الحاقة : ٤٧.
(٢) تقدم بالرقم ٣٠٠.
٤٢٣ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في خزانة الأدب ٤ / ١٤١ ، ١٤٣ ، ١٤٥ ، ١٠ / ٨٢ ؛ والجنى الداني ص ٢٢٢ ؛ وجواهر الأدب ص ١٩٧ ؛ والدرر ٤ / ٩٦ ، ٢١٩ ؛ ورصف المباني ص ١١٦ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٣٣ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ١١١ ؛ ومغني اللبيب ١ / ٣٣ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٤٠٩ ؛ والمقرب ١ / ٢٠٥ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٨ ، ٤١.
اللغة : القمين : الجدير بالشيء.
المعنى : يقسم بالله ـ جلّ وعلا ـ أنه كان قاتله ، أو بارزه ، أو هاجاه ، لو كان حرّا سيّدا ، ولكنه ليس حرّا ولا جديرا بأن يكون كذلك.
الإعراب : «أما» : حرف استفتاح. «والله» : «الواو» : واو القسم ، «الله» : لفظ الجلالة مجرور بواو القسم ، والجار والمجرور متعلّقان بفعل القسم المحذوف. «أن» : زائدة لا عمل لها. «لو» : حرف شرط غير جازم. «كنت» : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسمها. «حرّا» : خبر (كان)