طحّان حبّ الفلفل» ، والمعنى مثل دقك. وأمّا ما ذهب إليه من جعل الكاف خطابا ، فليس ذلك مقيسا بالفعل ، حيث سمع ، وكذلك حذف النون لغير إضافة ، ولم يظهر الفعل في جميع ذلك ، لأنّ الاسم جعل عوضا منه.
وأمّا «لك الشاء شاة بدرهم» ، فلم يظهر لنيابة المجرور منابه.
فإن قلت : فإنّ العرب لا تقول : «لك الشاء» ، إلا على «مملوك لك» فالجواب : إنّه لما اقترنت قرينة تبين هذا المقصود ، وهو قولك : «شاة بدرهم» ، جاز أن تقول : «الشاء لك» على غير معنى مملوك له ، بل على معنى : مسعّر لك.
وأمّا «أخذته بدرهم فزائدا أو بدرهم فصاعدا» ، فانتصب «فصاعدا» بفعل مضمر تقديره : فزاد الثمن صاعدا. على أنّه في موضع الحال. فإن قيل : فلعلّه منتصب بـ «أخذته» فالجواب : أن تقول : إنّه لا يسوغ هذا لأنّ الفاء تقطع ما قبلها مما بعدها.
وأمّا «كرما وحلفا» (١) فمصادر انتصبت بفعل من لفظها مضمر تقديره : أكرم كرما وأحلف حلفا ، ولم يظهر الفعل لنيابة المصدر منابه وتحمله الضمير ، ولذلك قلنا إنه انتصب بـ «كرم» من أبنية التعجب لأنّ أبنية التعجب ليس منها ما له مصدر إلّا لفعل.
وأمّا كل صفة أو مصدر بعد «أما» بشرط أن لا يكون بعدها ما تعمل فيه مثل : «أما سمينا فسمين» ، و «أما علما فلا علم له» ، و «أما علما فما أعلمه به» ، فأمّا قولهم : «فأما سمينا فسمين» ، فانتصب بفعل مضمر إذ لا يخلو أن يكون الناصب ما في «أما» من معنى الفعل ، أو «سمينا». وباطل أن يكون «سمينا» لأنّ «سمينا» اسم فاعل ليس بجارّ ، فلا يتقدّم معموله عليه ، فلم يبق ما يعمل فيه إلّا ما في «أما» من معنى الفعل. ولا يخلو أنّه ينتصب على أنّه مفعول من أجله ، أو مصدر في موضع الحال ، أو مصدر مؤكد لما في «أما» من معنى الفعل لأنه مناقض (٢) ، وذلك أنّ الحروف المراد بها الاختصار ، ألا ترى أنك إذا قلت : «ما قام زيد» ، فإنّه اختصار لقولك : «أنفي قيام زيد». والمراد بالتأكيد الطول في الكلام فيناقض التأكيد لما وضعت عليه الحروف من الاختصار ، فلم يبق إلّا أن يكون منصوبا على أنّه مصدر في موضع الحال في لغة أهل الحجاز.
__________________
(١) كذا ، ولعلّ الأنسب : أكذبا.
(٢) في الكلام سقط اختلّ به المعنى.