باب ما يمنع من الاستفهام أن يعمل فيه ما قبله
حق العامل أن يؤثر فيما بعده إلّا أن يمنع من ذلك مانع. فالمانع أن يكون المعمول مبنيّا أو يكون محكيّ الآخر بـ «من» أو يكون جملة ، أو يفصل بين العامل والمعمول بـ «أن» أو اللام ، أو يدخل على المعمول همزة الاستفهام ، أو يكون اسم استفهام ، أو مضافا إليه ، أو مستفهما عنه في المعنى. وهذا الأخير يجوز أن يظهر الإعراب بالنظر إلى لفظه.
فلم يؤثّر إذا كان مبنيّا ، لأنّ المبنيّ لا يدخله الإعراب لشبهه بما لا يدخله الإعراب. ولم يؤثّر إذا كان المعمول محكيّا لئلّا تبطل الحكاية ، ولم يؤثّر إذا كان المعمول جملة ، مثل : «تأبط شرّا» لئلّا يؤدّي إلى أن يعمل عاملان في معمول واحد. ولم يؤثرا إذا فصلت بين العامل والمعمول بـ «أن» واللام لأنّ «أن» واللام لهما صدر الكلام ، فلو عملتا فيما بعدهما ، لكانا غير صدرين ، ولا تقل «أن» واللام إلّا بعد الأفعال الداخلة على المبتدأ.
وأما إذا دخل على المعمول همزة الاستفهام ، أو يكون المعمول اسم استفهام ، أو مضافا إليه مستفهما عنه في المعنى ، فلم يؤثر العامل أيضا ، لأنّ ذلك كله له صدر الكلام ، ولا يقع هذا إلّا بعد أفعال القلوب. ولم يشذّ عن ذلك إلّا لفظتان ، وهما «سل» و «انظر» ، ألا ترى أنهم يقولون : «اذهب فسل أيّهم قائم» ، وكذلك يقولون : «اذهب فانظر أيّهم ذاهب» ، و «انظر» و «سل» ليسا من أفعال القلوب.
وإنما جاز في هاتين اللفظتين ، لأنّهما ليستا للعلم. ألا ترى أن العلم قد يكون غير السؤال أو النظر.
وزعم أبو عثمان المازني أنّه يجوز في رأي العين «أبصر» ، وحكي : «أما ترى أيّ برق