[٥ ـ تقدم الممدوح والمذموم وتأخرهما] :
وإذا ذكرت اسم الممدوح أو المذموم فلا يخلو أن تقدّمه على «نعم» و «بئس» أو تذكره بعدهما. فإن ذكرته بعدهما فمن يجعلهما اسمين يجعل «نعم» و «بئس» مبتدأين ، والاسم الذي بعد الممدوح أو المذموم خبرهما ، أو يجعلهما خبرين والاسم الذي بعدهما مبتدأ ، وكأنه قال : الممدوح زيد والمذموم عمرو ، ومن يجعلهما فعلين فإنه يجعل اسم الممدوح أو المذموم إذا تقدم مبتدأ ، و «نعم» و «بئس» جملتان في موضع الخبر.
فإن قيل : فكيف جاز أن تقع الجملة في موضع الخبر بغير رابط فيها وليست المبتدأ في المعنى؟ فالجواب : إنّ للنحويين في ذلك مذهبين :
كأنّه قال : زيد هو نعم الرجل ، وعمرو هو بئس الرجل ، وهو مذهب ابن السيد ، وهو فاسد لأنّ الجملة من «نعم» ، و «بئس» إذ ذاك تكون في موضع خبر ذلك المضمر ، فيحتاج فيها إلى رابط آخر.
ومنهم من ذهب إلى أنّ فاعلهما لعمومه أغنى عن الضمير ، ألا ترى أنّه يراد به الجنس. ولقائل أن يقول : وما الدليل على ذلك؟ أعني على أنّه يراد به الجنس فالجواب : إنّ الذي يدل على ذلك شيئان :
أحدهما التزامهم في الفاعل الألف واللام أو الإضافة إلى ما فيه الألف واللام ، أو أن يكون مضمرا يفسره اسم الجنس ، فلو لا أنّه يراد به اسم الجنس لما التزمت فيه الألف واللام الدالة على الجنس أو ما هو بمنزلتهما.
والآخر : إنّه يجوز في فصيح كلام العرب : «نعم المرأة» ، و «نعمت المرأة» ، بإلحاق العلامة وحذفها ، ولا يجوز : قام المرأة ، إلّا شذوذا نحو ما حكي من كلامهم : «قال فلانة» ، فلو لا أنّه بمعنى الجنس لما ساغ ذلك. فيكون إذ ذاك بمنزلة : «قال النساء» ، و «قالت النساء» ، في أنّه حمل تارة على معنى جمع ولم تلحق العلامة ، وتارة على معنى الجماعة فلحقت العلامة ، فلا وجه لقول من قال : إنّ الذي سوّغ ذلك في «نعم» و «بئس» كونهما لا يتصرفان لأنّ «ليس» لا يتصرّف ولا يجوز : «ليس المرأة» ، فإن قيل : فكيف أسند فعل المدح والذم وهما «نعم» و «بئس» إلى الجنس وإنّما الممدوح بعضه وهو الاسم الذي تأتي به تبيينا لفاعلهما؟
فالجواب : إنّ الذي يتصوّر في ذلك وجهان : أحدهما أن تريد الجنس حقيقة ، وكأنّك