فإن قلت : ألم تزعم أنّ سيبويه رحمهالله لا يجيز : «زيد قام أبو عمرو» ، إذا كان «أبو عمرو» كنية لـ «زيد» ، لأنّه ليس في الجملة ضمير للأول ولا تكرار بلفظه ، وأنتم قد فعلتم ذلك في «زيد نعم الرجل»؟
فالجواب : إنّ الذي لأجله منع سيبويه ، رحمهالله «زيد قام أبو عمرو» هو أنّ «أبا عمرو» لا يفهم منه أنّ المراد به «زيد» ، ولو لا ذلك لجازت المسألة. وأما «زيد نعم الرجل» ، فليس ثمّ ما يلتبس به «زيد» لأنّه للجنس كله ، والجنس لا ثاني له فيلتبس به. ولما خفي وجه التثنية فيه والجمع مع الجنسية على ابن ملكون اعتقد أنّه لا يراد بفاعلها إلا الاسم الممدوح خاصة. وأجاز خلوّ الجملة من رابط على مذهب أبي الحسن الأخفش في إجازته : «زيد قام أبو عمرو» ، و «أبو عمرو» كنية لـ زيد» ، وقد تقدم الدليل على أنّ المراد بفاعلهما الجنس.
وقد تقدم الدليل على أنّ المراد بفاعلهما الجنس.
فإذا تأخّر اسم الممدوح أو المذموم بعد «نعم» و «بئس» كان فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون خبر ابتداء مضمر ، والآخر : أن يكون مبتدأ والخبر محذوف وكأنّه في الوجهين لما قال : «نعم أو بئس الرجل» قيل له : فمن هذا الممدوح أو المذموم ، فقال : «زيد» ، على تقدير : هو زيد ، أو على تقدير : زيد الممدوح وزيد المذموم.
والثالث : أن يكون مبتدأ «ونعم الرجل» جملة في موضع الخبر ، وقد تقدّم على المبتدأ ، فيكون أمره كأمر : «زيد نعم الرجل» ، وخبر المبتدأ قد يتقدّم عليه وإن كان جملة ، كقول الشاعر [من الطويل] :
إلى ملك ما أمّه من محارب |
|
أبوه ولا كانت كليب تصاهره (١) |
__________________
(١) تقدم بالرقم ٢٣٤.