فتقول : «هذه الدار نعمت البلد» ، فتلحق العلامة وإن كان البلد مذكّرا ، لأنّك أردت به الدار ، وتقول : «هذا البلد نعم الدار» ، فلا تلحق العلامة وإن كانت الدار مؤنثة ، لأنّك عنيت بها البلد وهو مذكر. ومن ذلك قول الشاعر [من البسيط] :
٤٣٣ ـ أو حرّة عيطل ثبجاء مجفرة |
|
دعائم الزّور نعمت زورق البلد |
فألحق العلامة وإن كان «الزورق» مذكّرا لأنّه كناية عن «الناقة».
[٨ ـ بناء الفعل الثلاثي على «فعل»] :
وكلّ فعل ثلاثي يجوز فيه أن يبني على وزن «فعل» يراد به معنى المدح أو الذم ويكون حكمه إذ ذاك كحكم «نعم» و «بئس» في الفاعل ، وفي التمييز ، وفي ذكر اسم الممدوح.
وزعم المبرد أنه يكون فاعله كل اسم بخلاف «نعم» ، فأجاز : «حبّ زيد». وذلك باطل ، بل العرب إذا صيّرت الفعل على وزن «فعل» ، وأرادت به معنى المدح أو الذم ، فمنهم من يدخله مع ذلك معنى التعجب ، ومنهم من لا يدخله ذلك. فمن أدخله معنى التعجب جاز أن يكون فاعله كل اسم ، ومن لا يدخله معنى التعجب كان حكمه كحكمها في
__________________
٤٣٣ ـ التخريج : البيت لذي الرمة في ديوانه ص ١٧٤ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٤٢٠ ، ٤٢٢ ؛ وشرح المفصل ٧ / ١٣٦ ؛ ولسان العرب ١٠ / ١٤٠ (زرق) ، ١٢ / ٥٨٧ (نعم) ؛ وبلا نسبة في المقرب ١ / ٦٨.
اللغة : الحرة : الناقة الكريمة. العيطل : طويلة العنق. ثبجاء : ضخمة الثبج أي الصدر. مجفرة : عظيمة الجنب. الدعائم : القوائم. الزور : أعلى الصدر ؛ وكلها صفات للناقة.
المعنى : يصف الشاعر ناقته بأنها كريمة ، طويلة العنق ، ضخمة قوائمها قوية ومتينة ، ولهذه الصفات يشبّهها بالزورق ، لأنها تحمل الحمل الثقيل.
الإعراب : أو : حرف عطف. حرة : خبر لمبتدأ محذوف مرفوع بالضمة. عيطل : صفة مرفوعة بالضمة لحرة. ثبجاء : صفة ثانية مرفوعة مثلها. مجفرة : صفة ثالثة لحرة مرفوعة مثلها. دعائم : مفعول به منصوب. الزور : مضاف إليه مجرور. نعمت : فعل ماض لإنشاء المدح مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. زورق : فاعل مرفوع بالضمة. البلد : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة «هي حرة ...» : معطوفة على كلام سابق. وجملة «نعمت زورق» : في محلّ رفع صفة رابعة.
والشاهد فيه قوله : «نعمت زورق البلد» : حيث ألحق تاء التأنيث وإن كان المخصوص بالمدح «زورق» مذكرا ، لأنه كناية عن الناقة.