بنصب «لون» ، فأعمل الثاني وهو «استشعرت» مع احتياج الأول وهو «جرى» إلى مرفوع ، وليس العاملان متفقين في العمل ، فيعملهما في «لون» ، فلم يبق إلا مذهب سيبويه رحمهالله أو مذهب الكسائي.
أما مذهب الكسائي رحمهالله فاستدل على صحة مذهبه في حذف الفاعل بما ورد من قول الشاعر [من الطويل] :
٤٤٣ ـ فإن كان لا يرضيك حتى تردّني |
|
إلى قطرى إلا إخالك راضيا |
ففاعل يرضي محذوف. وهذا لا حجة فيه لاحتمال أن يكون أضمر لدلالة راضيا عليه كأنّه قال : لا يرضيك مرض ، ولأنّه قد غلم على من يعود كأنّه قال : لا يرضيك هو أي شيء.
وإنّما لم يجز حذف الفاعل لأنّه لا يخلو من أمرين : أحدهما أن يحذف حذف
__________________
وجملة «كأن متونها ...» : في محلّ نصب صفة لـ «كمتا». وجملة «جرى» : في محل رفع خبر «كأنّ». وجملة «استشعرت» : استئنافية لا محل لها.
الشاهد فيه قوله : «جرى واستشعرت لون» ، حيث تقدّم عاملان «جرى» و «استشعرت» ، وتأخر عنهما معمول واحد «لون» ، الأول يطلبه فاعلا ، والثاني يطلبه مفعولا ، وقد أعمل الثاني ..
٤٤٣ ـ التخريج : البيت لسوار بن المضرب في شرح التصريح ١ / ٢٧٢ ؛ والمقاصد النحوية ٢ / ٤٥١ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ١٠ / ٤٧٩ ؛ والخصائص ٢ / ٤٣٣ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٦٩ ؛ وشرح المفصل ١ / ٨٠ ؛ والمحتسب ٢ / ١٩٢.
الإعراب : «فإن» : الفاء حرف استئناف ، و «إن» : حرف شرط جازم. «كان» : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر. «لا» : حرف نفي. «يرضيك» : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدّرة على الياء للثقل. والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. «حتى» : حرف جرّ. «تردّني» : فعل مضارع منصوب بـ «أن» مضمرة وعلامة نصبه الفتحة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت ، والنون حرف للوقاية ، والياء ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. والمصدر المؤول من «أن تردّني» في محلّ جرّ بحرف الجرّ ، والجار والمجرور متعلّقان بـ «يرضيك». «إلى قطريّ» : جار ومجرور متعلّقان بـ «تردني». «لا» : حرف نفي. «إخالك» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، وكسرت همزته على غير القياس ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به أوّل. و «راضيا» : مفعول به ثان منصوب.
وجملة «تردني» صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة «لا يرضيك» في محل نصب خبر «كان» ، وجملة «لا إخالك راضيا» لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو إذا الفجائية. وجملة فعل الشرط وجوابه استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله : «فإن كان لا يرضيك» حيث جاء عاملان كلّ منهما يطلب معمولا مرفوعا ، فأضمر اسم «كان» وحذف فاعل «يرضيك» وهذا كما يرى الكسائي.