ولو أضمر فاعل الفعل الأول لقال : أو يكشفن ، إذ الفرق بين مذهب سيبويه رحمهالله ومذهب الكسائي إنّما يظهر بالتثنية والجمع ، فيبرز الضمير فيهما على مذهب سيبويه رحمهالله ، وأما على مذهب الكسائي فالإفراد والتثنية والجمع بمنزلة واحدة لحذف الفاعل.
فالجواب : إنّ الذي يدلّ على صحة مذهب سيبويه أنّه قد حكي من كلام العرب : «ضربوني وضربت قومك» ، و «ضرباني وضربت الزيدين» ، وهذا لا يخرّج إلا على مذهب سيبويه رحمهالله.
وأما هذه الأبيات فقد تتخرّج على أن يكون الضمير فيها عائدا على الجمع أو التثنية بلفظ المفرد ، فاستتر كما يستتر في حال الإفراد ، والدليل من كلام العرب على جواز عود الضمير على المثنى والمجموع على حد عوده على المفرد ما حكي من كلام العرب : «هو أحسن الفتيان وأجمله ، وأحسن بني أبيه وأنبله» ، وقد كان ينبغي أن يقول : «وأجملهم» ، و «أنبلهم» ، فأجرى ذلك مجرى المفرد.
ومنه قوله تبارك وتعالى : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ)(١) ولم يقل : في بطونها ، وكذلك أنشدوا قول الشاعر [من الكامل] :
٤٤٧ ـ ألبان إبل تعلّة بن مسافر |
|
ما دام يملكها عليّ حرام |
__________________
منصوب بالفتحة. ثلاث : فاعل مرفوع بالضمّة ، وهو مضاف. الأثافي : مضاف إليه مجرور بالكسرة. والرسوم : «الواو» : حرف عطف ، «الرسوم» : معطوف على «ثلاث» مرفوع بالضمّة. البلاقع : نعت «الرسوم» مرفوع.
وجملة «هل يرجع ... بحسب ما قبلها. وجملة «يكشف» : معطوفة على سابقتها.
الشاهد فيه قوله : «يرجع ... أو يكشف ...» حيث أعمل عاملين هما «يرجع» و «يكشف» في معمول واحد هو «ثلاث الأثافي» فأعمل الثاني في المعمول ، وحذف الضمير من الأول ، ولو أضمره لقال : «أو يكشفن».
(١) النحل : ٦٦.
٤٤٧ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في لسان العرب ١١ / ٤٧٢ (علل) ؛ وتاج العروس (أبل) ، (علل).
الإعراب : ألبان : مبتدأ مرفوع بالضمّة وهو مضاف. إبل : مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف. تعلّة : مضاف إليه مجرور بالفتحة. ابن : نعت مجرور بالكسرة ، وهو مضاف. مسافر : مضاف إليه مجرور بالكسرة. ما : حرف مصدريّ. دام : فعل ماض ناقص مبني على الفتح ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : (هو). يملكها : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : (هو) ، و «ها» : ضمير متصل مبني في محلّ نصب مفعول به. والمصدر المؤول من «ما دام يملكها» في محل