بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
نحمد الله تعالى على كماله حمد الموجود موجده ، ونشكره على عطائه شكر المخلوق خالقه ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى أولي الدراية والنهى وعلى أوصيائهم مصابيح الدجى ولا سيما على خاتمهم محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) وعلى آله أئمة الديانة والهدى.
وبعد ، فإن أول ما يلاحظ الناظر إلى مؤلفات فقهاء الطائفة الإمامية ومصنفات جهابذتها في فقه الشريعة الإسلامية وأصولها هو الدور المهم والبارز الذي مارسه هؤلاء المحققون في حفظ الدين وأحكامه من الدس والتضليل وصيانته من التحريف والتبديل.
فببركة جهودهم المتواصلة ومساعيهم الحثيثة في تفريع الفروع واستنباطها من الأصول ظل هذا الدين الحنيف حيا في نفوس الناس إلى يومنا هذا ومنتشرا في كافة البقاع والأمصار ، وهذا هو الذي صار سببا رئيسيا في ظهور مسائل جديدة واستحداث وقائع حديثة تستلزم معرفة نظر الشارع المقدس فيها.
ومن هؤلاء الأفذاذ العلامة أبو منصور الحسن بن يوسف الحلي الذي حاز على قصب السبق في هذا المضمار ، وبذل الجهد في هذا الحقل ، فطفق بتصنيف كتابه «قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام» حيث جمع فيه أبواب الفقه كاملة ليصير بالتالي سفرا جليلا لما اتسم فيه من غزارة مادته ودقته العلمية اللتين كانتا السبب الأول في تظافر العلماء على الخوض فيه بالشرح تارة والتعليق عليه أخرى ، حتى عد صاحب الذريعة ما يقارب الثلاثين شرحا وخمس عشرة حاشية عليه.