والفقه يشدّون الرحال من جميع نواحي البلاد الإسلاميّة إلى تلك الحوزة وإلى حوزة النجف الأشرف.
فلأجل ذلك قصدها أي كربلاء المقدسة المترجم له بعد أن اشتغل بمقدّمات العلوم مدة غير يسيرة في جبل عامل لبنان ، فهاجرها قاصداً من ذلك اكتساب العلوم وتحصيل الحقائق فاستوطنها إلى أن مات استاذه الوحيد البهبهاني رحمهالله.
ويظهر ممّا ذكره بعض الأعلام أنّه بعد وروده تلك البلدة الطيّبة والحوزة المباركة حضر جلسة مذاكرة السيّد الفقيه السيّد علي الطباطبائي ولذا حكى عن بعض مصنّفاته وإجازاته أنّه قال : إنّه أي صاحب الرياض أوّل من علّمني وربّاني وقرّبني وأدناني ، ولذا يعبّر عنه كثيراً ما في كتابه هذا ب «شيخنا» أو «استاذنا» وهذا الكلام المحكي عنه بظاهره يشعر بأنّ صاحب الرياض أوّل أساتيذه ومعلّميه وأنّه لم يتعلّم قبله من احد ، إلّا أنّ ذلك بعيد جدّاً ، فإنّ صاحب الرياض كان إذ هبط الشارح ذلك المهبط من الفقهاء المجتهدين ومن مدرّسي خارج الفقه والاصول ومثله لا يكون مدرّساً لمقدمات العلوم ومبادئها الّتي يتكفّل تعليمها أوساط الطلبة ومن يتردّد في بادئ الرأي من المعلمين.
ثمّ بعد أن حضر مجلس بحث الطباطبائي برهة من الزمن حضر حوزة استاذه الوحيد البهبهاني رحمهالله وقيل : إنّه كان ملازماً لدرسيهما معاً في زمان واحد مشغولاً بذلك عن الخروج من كربلاء حتّى لزيارة النجف الأشرف وهو رحمهالله دائماً يعبّر عن استاذه هذا ب «استاذنا الآقا أو الاستاذ أدام الله حراسته». وهو رحمهالله قد عنى في هذا الكتاب بنقل كلام هذا الاستاذ أكثر من عنايته بنقل كلام سائر أساتذته.
ثمّ بعد أن ارتحل الوحيد البهبهاني إلى رحمة الله تعالى هاجر سيّدنا المترجم له إلى النجف الأشرف الحوزة الام لجميع الحوزات العلميّة للشيعة الإماميّة فحضر حلقة درس العلّامة العابد والحجة المجاهد والفقيه الزاهد صاحب الملكات القدسية والنفس الزكية السيّد مهدي الطباطبائي المعروف ب «بحر العلوم» وحلقة بحث الشيخ الأكبر أفقه المتأخّرين المحقّق المدّقق الشيخ جعفر صاحب كتاب كشف الغطاء الّذي اشتهر لأجل تأليف هذا الكتاب العظيم في فنّه المتقن في بيانه المبتكر في كثير من آرائه ب «كاشف الغطاء» وحلقة بحث الشيخ الفقيه المتعبّد