وقد تخرج عن بابها بأن تستعمل للتمنّي ، فإذا قلت : «لو قام زيد» ، فكأنك قلت : تمنيّت قيام زيد ، وعليه قوله [من البسيط] :
٧٦٠ ـ لا الدّار غيّرها بعدي الأنيس ولا |
|
بالدّار لو كلّمت ذا حاجة صمم |
لأنّه لا يتصور فيه معنى الشرط ولا معنى امتناع الشيء لامتناع غيره ، ومثله : (لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ)(٢). بدليل نصب «نتبرأ».
و «لو لا» حرف امتناع الشيء لوجود غيره ، ولا يليها إلّا المبتدأ ، والخبر محذوف ، ولا يظهر لطول الجواب ، فناب الجواب مناب الخبر.
__________________
وجملة «ولو باتت بأطهار» : في محل جر صفة. وجملة «باتت بأطهار» : فعل شرط لا محلّ لها. وحذف جواب «لو» لدلالة ما قبله من الكلام عليه.
والشاهد فيه قوله : «ولو باتت بأطهار» حيث وقعت «لو» شرطية بمعنى «إن» فصرفت الماضي إلى المستقبل ، وعليه فلا يجوز إعراب الجملة حالية.
٧٦٠ ـ التخريج : البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ١٤٦ ؛ وتذكرة النحاة ص ٤٢ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٨٤ ؛ والكتاب ١ / ١٤٥.
اللغة : الأنيس : الأليف المؤانس.
المعنى : لم تتغيّر الدار بعد رحيلي ، ولم يجر ساكنها الذي ألفها بعدي تغييرات عليها ، وليس فيها خرس لو تكلّمت لصاحب حاجة.
الإعراب : لا : حرف نفي بمعنى (ليس) ويعمل عملها. الدار : اسم (لا) مرفوع بالضمّة. غيّرها : فعل ماض مبني على الفتح ، و «ها» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به. بعدي : «بعد» : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بفتحة مقدّرة على ما قبل ياء المتكلم ، متعلق بالفعل «غيرها» ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. الأنيس : فاعل (غيّر) مرفوع بالضمّة. ولا : «الواو» : حرف عطف ، «لا» : حرف نفي مهمل. بالدار : جار ومجرور متعلقان بالخبر. لو : حرف تمنّ. كلمت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). ذا : مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة. حاجة : مضاف إليه مجرور بالكسرة. صمم : مبتدأ مؤخر.
وجملة «لا الدار غيّرها» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «غيّرها» : في محلّ نصب خبر (لا). وجملة «ولا بالدار صمم» : معطوفة على الجملة الأولى لا محلّ لها. وجملة «كلّمت» : تفسيرية ، أو اعتراضية لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «لو كلّمت» حيث خرجت (لو) هنا عن معناها الشرطي إلى معنى التمنّي.
(١) سورة البقرة : ١٦٧.