ومعناه ، ثم إلى المفعول به لأنه يصل إليه بنفسه لفظا وتقديرا ، وما بقي لا يصل إليه إلّا بحرف جر أو بتقديره.
وزعم أبو العباس المبرد أنّ أقوى تعدّي الفعل إلى المفعول به ، واستدل على ذلك بأن المفعولات إذا اجتمعت في باب ما لم يسم فاعله ، فلا يقام إلّا المفعول به. وهذا ليس بصحيح ، لأنه إنّما امتنع إقامة المصدر لقوة دلالة الفعل عليه. فإذا قلت : «ضرب ضرب» ، لم يكن فيه فائدة ، لأنك إذا قلت : «ضرب» ، فمعلوم أن المضروب ضرب.
فإن قال : إذا وصف قد تكون فيه فائدة ، فتقول : «ضرب ضرب حسن» ، فالجواب : إن الصفة فروع ، والفروع قد تلحظ وقد لا تلحظ.
ثم إلى الظرف من الزمان ، لأنّه يدل عليه بمعناه وصيغته.
ثم إلى الحال ، لأنه يصل إليه على معنى الحرف لا على تقديره لفظا بخلاف ظرف المكان. ثم إلى ظرف المكان ، لأنه يصل إليه بتقدير الحرف ، ويدل عليه بمعناه.
وإنّما كان المفعول معه والمفعول من أجله دون غيرهما من المفعولات في دلالة الفعل عليهما ، لأنّهما لا يلزمان الأفعال. ألا ترى أنه لا يلزم أن يكون كل فعل مشروكا في فعله ، وكذلك لا يلزم أن يكون كل فاعل يفعل فعله لسبب. ودلالة الفعل على المفعول من أجله أقوى من دلالته على المفعول معه ، لأنه يصل إلى المفعول من أجله بتقدير اللام ، وإلى المفعول معه بواسطة الواو ملفوظا بها.
وقد تقدم حكم المفعول المطلق ، وظرف الزمان ، والمكان ، والحال في باب الأفعال المتعدية وغير المتعدية. وقد تقدم المفعول به وأحكامه في أقسام الأفعال في التعدي. فالذي ينبغي أن يذكر هنا المفعول معه ، والمفعول من أجله.
[٥ ـ المفعول من أجله] :
أمّا المفعول من أجله ، فلا يخلو أن يكون مقارنا للفعل في الزمان وفعلا لفاعل الفعل المعلّل ، أو لا يكون. فإن لم يكن فلا بد من اللام ، مثل قولك : «أقوم اليوم لقيامك أمس» ، ومثل : «قمت لإجلال بكر عمرا».
فإن كان مقارنا للفعل في الزمان وفعلا لفاعل الفعل المعلل ، فلا يخلو من أن يكون معرفة أو نكرة. فإن كان نكرة ، وصل إليه بغير لام ، فتقول : «قمت إجلالا لك» ، وإن كان معرفة جاز فيه وجهان : أن يصل إليه الفعل باللام أو بنفسه ، فتقول : «قمت إجلالك» ،