إلا بني سليم ، فإنّهم يجرون القول أجمع مجرى الظن ، كانت فيه الشروط الموصوفة أو لم تكن ، وعلى ذلك قوله [من الطويل] :
... |
|
تقول هزيز الريح مرّت بأثأب (١) |
فإنه روى بنصب «هزيز».
وإذا جرى القول مجرى الظن في اللفظ ، فهل يجري مجراه في المعنى؟ مسألة خلافية بين النحويين. والصحيح أنّه يجري مجرى القول لفظا ومعنى ، بدليل قوله [من الطويل] :
إذا قلت أنّي آيب أهل بلدة |
|
نزعت بها عنه الوليّة بالهجر (٢) |
ألا ترى أنّ المعنى : إذا ظننت أو قدّرت. ولذلك فتحت همزة «أني».
وقد يحكى بعد القول مضمرا ، ومنه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ)(٣). أي : يقولون : ما نعبدهم. وكذلك قوله تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُمْ)(٤). أي يقولون : سلام عليكم.
__________________
أبيات سيبويه ١ / ١٣٢ ؛ وشرح التصريح ١ / ٢٦٣ ؛ وشرح المفصل ٧ / ٧٨ ، ٧٩ ؛ والكتاب ١ / ١٢٣ ؛ والمقاصد النحويّة ٢ / ٤٢٩ ؛ وليس في ديوانه ؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى ١ / ٣٦٣ ؛ وأوضح المسالك ٢ / ٧٨ ؛ وتخليص الشواهد ص ٤٥٧ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٤٣٩ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٦٤ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٢٢٨ ؛ والمقتضب ٢ / ٣٤٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٧.
اللغة والمعنى : الجهّال : من الجهل ، وهو السفه والعصيان ، أو عدم المعرفة. المتجاهل : هو المتظاهر بالجهل.
يقول : أتظنّ أنّ بني لؤيّ جهّال حقيقة ، أم أنّهم يتظاهرون بالجهل؟
الإعراب : أجهّالا : الهمزة للاستفهام ، جهّالا : مفعول به ثان ل «تقول» منصوب. تقول : فعل مضارع مرفوع ، والفاعل : أنت. بني : مفعول به أوّل منصوب بالياء لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم ، وهو مضاف. لؤيّ : مضاف إليه مجرور. لعمر : اللام : للابتداء. عمر : مبتدأ والخبر محذوف تقديره «قسمي» ، وهو مضاف. أبيك : مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه من الأسماء الستّة ، وهو مضاف ، والكاف : في محلّ جرّ بالإضافة. أم : حرف عطف. متجاهلينا : معطوف على «جهالا» منصوب بالياء ، والألف للإطلاق.
وجملة (تقول ...) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائية أو استئنافيّة.
والشاهد فيه قوله : «أجهّالا تقول بني لؤي» حيث أعمل «تقول» عمل «تظنّ» ، فنصب به مفعولين ، أحدهما قوله : «جهّالا» ، والثاني قوله : «بني لؤىّ».
(١) تقدم بالرقم ٣١٩.
(٢) تقدم بالرقم ٣٢٠.
(٣) سورة الزمر : ٣.
(٤) سورة الرعد : ٢٣ ـ ٢٤.