باب حكاية الأسماء الأعلام ب «من»
حكاية الاسم المفرد لا تكون في كلام العرب إلّا ب «من» بشرط أن يكون علما ، أو لقبا ، أو كنية.
وسبب ذلك ثلاثة أشياء : أحدها أنّ «من» اسم مبنيّ لا يظهر فيه قبح الحكاية إذ ليست «من» في اللفظ بالمبتدأ من حيث لم يظهر فيه الرفع ، فلا يصح أن يجيء الخبر على صورة المنصوب.
والثاني أنّ الأسماء الأعلام بابها التغيير ، لأنّها كلها منقولة إلّا أسماء يسيرة ، فلذلك كثرت الشذوذات فيها ، إذ التغيير يأنس بالتغيير.
والثالث : الخوف من اللبس ، وذلك أنّه إذا قال إنسان : «قام زيد» ، ولم يحك لفظه في الاستثبات ، وقلت : «من زيد» ، لتوهم السامع أنك لا تسأله عن «زيد» الذي ذكره. فلما اجتمعت هذه الأشياء ، لم يكن بد من الحكاية عند أهل الحجاز.
ولا تجوز الحكاية ب «من» إلّا بشروط : منها أن لا يدخل على من حرف من حروف العطف ، وأن لا يكون الاسم المحكي متبوعا بتابع من التوابع ما عدا العطف. فإن دخل على «من» حرف عطف ، لم تجز الحكاية لزوال اللبس ، لأنّه قد علم أن المسؤول عنه إنّما الأول ، ولو لا ذلك لم يسغ عطف كلامك على الكلام المتقدم.
وإن كان التابع مع ما جرى عليه قد جريا لشيء واحد ، جازت الحكاية. وإنّما لم تجز الحكاية إذا كان الاسم متبعا ، لأنّ التابع يبيّن أنّ المسؤول عنه هو الاسم المتقدم. ولذلك لم تمتنع الحكاية في العطف خلافا لصاحب الكتاب ، لأن العطف من التوابع غير المبينة.
فإن كان الاسم نكرة ، فإنّه لا يجوز فيه حكاية ، مثل الأسماء الأعلام ، وحكايته على طريقة ستبين في بابها.