باب حكاية الأسماء النكرات ب «من»
إذا استفهمت عن النكرات ب «من» فإنّه لا يجوز فيها أن تحكى مثل الأسماء الأعلام. وسبب ذلك أنّ حكاية المفرد قليل ، ولا تكون إلّا في الاسم العلم ب «من» ، لما ذكرنا في الباب الذي قبله.
وأيضا فإنّك إذا حكيت النكرة كنت بين أمرين. إمّا أن تعيد النكرة معرفة بالألف واللام ، أو بلفظها. فإن أعدتها بالألف واللام ، فليس ذلك حكاية ، لأنّ الحكاية إيراد لفظ المتكلم على ما تكلم به ، وأنت لم تورده على حسب ما تكلم به. فإن أعدتها بلفظها ، كان ذلك خروجا عن كلام العرب ، لأنّ العرب ، إذا أعادت النكرة ، إنّما تعيدها بالألف واللام ، فتقول : «رأيت رجلا فضربت الرجل» ، ولا تقول : فضربت رجلا ، لأنّه لا يدرى هل أردت الرجل المتقدم في الذكر أو غيره.
فأما قوله عزوجل : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)(١).
ف «اليسر» الثاني ليس الأول ، بدليل قوله عليهالسلام : «لن يغلب عسر يسرين». إذ لو أراد ب «اليسر» الثاني الأول ، لكان معرّفا بالألف واللام.
وحكايات النكرات ب «من» على لغتين. منهم من يلحق علامة على الإعراب خاصة ،
__________________
(١) سورة الانشراح : ٥ ـ ٦.