بعبده من البيت الحرام الى المسجد الأقصى ثم عرج به الى السماء هذا صحيح. ولكن يبقى السؤال ما هي العلاقة بين التسبيح والتعجب؟ الواقع اننا حين نتعجب من شيء ، فان الشيطان والنفس الامارة بالسوء يوسوسان لنا بأن ذلك الشيء هو عظيم الى حد الالوهية ، ومن أجل ان نبتعد عن هذا الشرك علينا ان نسبح الله وننزهه لنتذكر بأنه أكبر من أيّ شيء عجيب قد يبهرنا.
وهكذا عند ما اسرى الله بالنبي (ص) من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ، ثم عرج به الى السماء كان من الممكن ان يعتقد البعض بان النبي (ص) هو الإله ، لذلك كان يلزم ان تبدأ القصة ب «سبحان الله».
ولمفردات اللغة العربية معان دقيقة فمثلا : إذا ذهب أحدهم في أول الصباح الى مكان ما يقال عنه (بكّر) وإذا كان بعد ذلك بقليل قيل (صبّح) وبعد مدة (غدي) ثم (أضحى) وفي النهار يقال (سرب) واما في الليل فيقال (سرى).
والقرآن في هذه الآية يقول «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ» يعني اسرى به في الليل ، فلما ذا تقول تتمة الآية : «بِعَبْدِهِ لَيْلاً»؟
قد يكون ذلك لما يلي :
أولا : اسرى بعبده اي ذهب بالليل ، ولكن هل كان رجوعه في الليل أيضا؟ ان كلمة «ليلا» جاءت هنا لتؤكد على ان الذهاب والإياب كان في الليل ، تأكيدا لمعجزة الإسراء.
ثانيا : قد يكون تأكيد الآية على ان هذا الحدث العجيب قد تم في الليل ، حيث السكون والهدوء ، وحيث لا يتم الانتقال فيها إلا قليلا ، ثم ان العروج الايماني يتم في الليل أكثر من النهار ، قال ربنا : «(إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً