مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)
هذا العبد بالاضافة الى العلم الذي حصل عليه كان قد حصل على الرحمة ، فهل هناك علاقة بين العلم والرحمة؟ أم ان ربنا سبحانه وتعالى قد أعطى العبد خصلتين من عنده الرحمة والعلم؟
بتدبر بسيط في مفهوم كلمتي العلم والرحمة نتوصل الى : ان العلم عادة ما يكون وليد الرحمة ، وجوهر الرحمة هو لين القلب الذي هو صفة مقابلة لصفة أخرى وهي قسوة القلب ، وقسوة القلب تسبب عدم نفوذ حقائق الحياة اليه فينشأ الجهل ، ولين القلب على العكس من ذلك يسبب العلم ، لذلك نستطيع أن نقول ان للرحمة الفضل الاول ، وهو الشيء الذي أعطاه الله للخضر (ع) وكان سببا لعلمه وقد استند البعض الى هذه الكلمة وقالوا : ان خضرا كان نبيا والنبوة رحمة إلهية ، بينما رأى آخرون : ان سعة صدر خضر وقدرته على احتمال اعتراضات تلميذه موسى هي تلك الرحمة التي أعطاها الله إياه.
وفي الآية اشارة واضحة الى أن العلم من الله سبحانه وتعالى ، وانه نور يقذفه في قلب من يشاء ، وليس العلم بكثرة الدراسة والتعليم كما يزعمون.
الصبر وزير العقل :
[٦٦] (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً)
لقد عرف موسى (ع) ان الحصول على العلم لا يمكن ان يتم بدون مجهود ، لذلك عرض اتباعه للعالم وهو يمارس اعماله اليومية ، ومن خلال العمل والقرارات والمواقف في الأحداث المختلفة للحياة يتعلم الحكمة ، والعلم الذي يجب أن يبحث عنه الإنسان ليس علما مطلقا ، بل ذلك العلم الذي يعطيه الرشد