والبصيرة في سلوكه وعمله ، وهذا هو العلم العملي ، فكما أننا نحتاج الى العمل العلمي ، كذلك نحن نحتاج الى العلم العملي ، وذلك بأن نتعلم ما ينفعنا.
أما خضر (عليه السلام) فقد أعطانا منهجا آخر للتعلم وقال : أن أول وأهم صفة لاكتساب العلم هو الصبر ، ولذلك كان الصبر وزيرا للعقل كما جاء في الأحاديث المأثورة.
[٦٧] (قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)
وهذه هي مشكلة الإنسان ، فهو بحاجة الى الصبر لكي يتعلم العلم ، والصبر بدوره بحاجة الى العلم لكي يطمئن الإنسان ، فان «الجاهل جزع».
وهنا نودّ ان نذكّر بأن اجتياز حاجز الجهل من قبل الإنسان عملية صعبة ، ولا يمكن للإنسان أن يجتاز هذا الحاجز وهو خائر العزم ، ذلك لأن الحصول على العلم بحاجة الى اجتياز الحاجز النفسي بالاضافة الى المساعي العملية فنرى ان موسى (ع) برغم أنه يقوم بسفرة طويلة طلبا للعلم ، ويلاقي أنواع المشقة ، وينسى غداءه ، ويصحب معه فتاه وما أشبه وهو نبي يقود أمة ، وبرغم كل هذه الأعمال الجسدية ، فانه يحتاج أيضا الى جهود نفسية كبيرة تعتبر من وظيفة القلب أو بتعبير آخر تعتبر رحلة القلب ، ويشير إليها القرآن الحكيم في هذه الآيات.
[٦٨] (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)
من المعلوم ان خضر العالم لم ينسى القدرة الحقيقة لموسى على الصبر ، فموسى (ع) من الناحية الحقيقية والفعلية كانت عنده القدرة على الصبر ، ولكن العالم بخبرته يدرك ان الناس الجاهلين بأمر لا يصبرون على صعوبات العلم به ، فالعلم يسبب لهم صدمة ، ولأنه يسبب لهم ذلك فهم قد يكفرون به.