وذكر غيره أنّ الإحراق أولى من الغسل ؛ لأن الغسالة قد تقع على الأرض ، وجزم القاضي الحسين في «تعليقه» (١) بامتناع الإحراق ؛ وأنه خلاف الاحترام ، والنووي بالكراهة ، فحصل ثلاثة أوجه.
وفي «الواقعات» (٢) من كتب الحنفية أنّ المصحف إذا بلي لا يحرق بل يحفر (٣) له في الأرض ، ويدفن.
ونقل عن الإمام أحمد أيضا : «وقد يتوقف فيه لتعرّضه للوطء بالأقدام».
(مسألة) ويستحب تطييب المصحف وجعله على كرسيّ ؛ ويجوز تحليته بالفضة إكراما له على الصحيح ، روى البيهقي بسنده إلى الوليد بن مسلم قال : «سألت مالكا عن تفضيض المصاحف ، فأخرج إلينا مصحفا فقال : حدثني أبي عن جدّي أنهم جمعوا القرآن في عهد عثمان رضياللهعنه ، وأنهم فضّضوا المصاحف على هذا ونحوه» (٤) ، وأما بالذهب فالأصحّ يباح للمرأة دون الرجل ، وخصّ بعضهم الجواز بنفس المصحف دون علاقته المنفصلة عنه ؛ والأظهر التسوية.
ويحرم توسّد المصحف وغيره من كتب العلم ؛ لأن فيه إذلالا وامتهانا ، وكذلك مدّ الرجلين (٥) إلى شيء من القرآن أو كتب العلم.
(٦) [ويستحب تقبيل المصحف] (٦) : لأنّ عكرمة بن أبي جهل (٧) كان يقبّله ، وبالقياس على
__________________
(١) هو الحسين بن محمد بن أحمد المرورّوذي الفقيه الشافعي تقدم التعريف به في ٢ / ٩٣ وكتابه التعليق ذكره السبكي في طبقات الشافعية ١ / ١٥٥ باسم «التعليق الكبير».
(٢) ذكر حاجي خليفة في كشف الظنون ٢ / ١٩٩٩ عدة كتب باسم «الواقعات» وهي : «الواقعات في الفروع» لشمس الأئمة عبد العزيز بن أحمد الحلواني ت ٤٥٦ ه ، وللجصاص أيضا ، ولطاهر بن أحمد البخاري صاحب الخلاصة ت ٥٤٢ ه ، ولأبي اليسر ، وللإمام فخر الدين حسين بن منصور المعروف بقاضيخان ت ٥٩٢ ه.
(٣) في المطبوعة (تحفر).
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٤ / ١٤٤ ، كتاب الزكاة باب ما ورد فيما يجوز للرجل أن يتحلى به من خاتمه وحلية سيفه ومصحفه إذا كان من فضة.
(٥) عبارة المخطوطة (مدّ الرّجل الرّجل).
(٦) ساقط من المخطوطة.
(٧) أخرج الدارمي في السنن ٢ / ٤٤٠ ، كتاب فضائل القرآن عن ابن أبي مليكة «أن عكرمة بن أبي جهل كان يضع المصحف على وجهه ويقول : كتاب ربّي كتاب ربّي».