وفي كتاب «فضائل القرآن» لأبي عبيد [عن] (١) النّخعيّ (٢) قال : «كانوا يكرهون أن يتلو الآية عند شيء يعرض من أمور الدنيا».
قال أبو عبيد : «وكذلك الرجل يريد لقاء صاحبه أو يهمّ بحاجته (٣) ، فيأتيه من غير طلب فيقول كالمازح : (جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) (طه : ٤٠) ؛ فهذا من الاستخفاف بالقرآن ، ومنه قول ابن شهاب : لا تناظر بكتاب الله ولا بسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال أبو عبيد : [يقول] (٤) : لا تجعل لهما نظيرا من القول ولا (٥) الفعل».
(تنبيه) لا يجوز تعدّي أمثلة القرآن ؛ ولذلك أنكر على الحريري (٦) [في] (٧) قوله في مقامته الخامسة عشرة (٨) «فأدخلني بيتا أحرج من (٩) التابوت ، وأوهن (١٠) من بيت العنكبوت» ، فأيّ معنى أبلغ من معنى أكّده الله من ستة أوجه ؛ حيث قال : (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) (العنكبوت : ٤١) فأدخل إنّ ، وبنى أفعل التفضيل ، وبناه من الوهن ، وأضافه إلى الجمع ، وعرّف الجمع باللام [٧٣ / ب] وأتى في خبر إنّ باللام ، و [قد] قال [الله] (١١) تعالى : (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) (الأنعام : ١٥٢) وكان اللائق بالحريريّ ألاّ يتجاوز هذه المبالغة وما بعد تمثيل الله تمثيل ، وقول الله أقوم قيل ، وأوضح سبيل ؛ ولكن قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً) (البقرة : ٢٦) وقد ضرب النبيّ صلىاللهعليهوسلم مثالا لما دون ذلك فقال : «لو كانت الدّنيا تزن عند الله جناح بعوضة ...» (١٢) وكذلك قول بعضهم :
ولو أنّ ما بي من جوى وصبابة |
|
على جمل لم يبق في النار خالد |
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) تقدم ذكره في ١ / ٢٧٦.
(٣) في المخطوطة (صاحبه).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (أو).
(٦) تقدم ذكره في ١ / ١٦٤.
(٧) ساقطة من المخطوطة.
(٨) وهي المقامة الفرضية (بشرح الشريشي) ١ / ٢٣٠.
(٩) في المخطوطة (منه).
(١٠) في المطبوعة (وأوهى).
(١١) ليست في المطبوعة.
(١٢) قطعة من حديث لسهل بن سعد رضياللهعنه ، وتمام الحديث «... ما سقى كافرا منها قطرة ماء» وهي رواية ابن ماجة في السنن ٢ / ١٣٧٦ ـ ١٣٧٧ ، كتاب الزهد (٣٧) ، باب مثل الدنيا (٣) الحديث (٤١١٠) ، وأخرجه الترمذي في السنن ٣ / ٥٦٠ ، كتاب الزهد (٣٧) باب ما جاء في هوان الدنيا على الله عزوجل (١٣) ، الحديث (٢٣٢٠).