وقسمه أبو عبد الله البكرآباذي (١) إلى أربعة أوجه : (أحدها) إخراج ما لا يقع عليه الحسّ إلى ما يقع عليه ، (وثانيها) إخراج ما لا يعلم [به] (٢) ببديهة العقل إلى ما يعلم بالبديهة ، (وثالثها) إخراج ما لم تجر به العادة إلى ما جرت به العادة ، (ورابعها) إخراج ما لا قوّة له من الصفة إلى ماله قوة [انتهى] (٢).
وضرب الأمثال في القرآن يستفاد منه أمور كثيرة : التذكير ، والوعظ ، والحثّ ، والزجر ، والاعتبار ، والتقرير وترتيب المراد للعقل ، وتصويره في صورة المحسوس ؛ بحيث يكون نسبته للفعل (٣) كنسبة المحسوس إلى الحسّ. وتأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر ، وعلى المدح والذم ، وعلى الثواب والعقاب ، وعلى تفخيم الأمر أو (٤) تحقيره ، وعلى تحقيق أمر بإبطال أمر ، وقال تعالى : (وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) (إبراهيم : ٤٥) فامتنّ علينا بذلك لما تضمنت هذه الفوائد ، وقال تعالى : (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) (الروم : ٥٨) ، وقال : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ) (العنكبوت : ٤٣).
والأمثال مقادير الأفعال ، والمتمثّل كالصانع الذي يقدّر صناعته ، [ثم يعربه] (٥) كالخياط (٦) يقدّر الثوب على قامة المخيط ، [ثم يفريه] (٧) ، ثم يقطع. وكلّ شيء له قالب ومقدار ، وقالب الكلام ومقداره الأمثال (٨).
وقال الخفاجيّ (٩) : سمي مثلا [٧٤ / أ] لأنه ماثل بخاطر الإنسان أبدا ، أي شاخص (١٠) ، فيتأسّى به ويتّعظ ، ويخشى ويرجو (١٠) ، والشاخص : المنتصب. وقد جاء بمعنى الصفة ، كقوله
__________________
في السير في ترجمة الحسين بن الفضل فقال : قال الحاكم : سمعت إبراهيم بن مضارب ، سمعت أبي يقول : كان علم الحسين بن الفضل بالمعاني إلهاما من الله ... فظهر أنهما واحد. وهو الحسين بن الفضل أبو علي البجلي الكوفي ثم النيسابوري العلامة المفسّر الإمام اللغوي المحدث عالم عصره ، قال الحاكم : الحسين بن الفضل بن عمير المفسر إمام عصره في معاني القرآن أقدمه ابن طاهر معه نيسابور وابتاع له دار عزرة فبقي يعلم الناس ويفتي في تلك الدار إلى أن توفي سنة ٢٨٢ ه ، وهو ابن واربع سنين (الذهبي ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٤١٤). وكتابه ذكره ابن خير في فهرسته ص : ٧٥ ، باسم «الأمثال الكامنة في القرآن».
(١) في المخطوطة أبو عبيد الله (التكراباذي) ولم نعثر له على ترجمة.
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) في المخطوطة (إلى العقل).
(٤) في المخطوطة (و).
(٥) ساقطة من المطبوعة.
(٦) في المخطوطة (كالخياطة).
(٧) ساقطة من المخطوطة.
(٨) في المخطوطة (للأمثال).
(٩) هو عبد الله بن محمد بن سعيد تقدم ذكره في ١ / ١٥٣.
(١٠) اضطربت هذه العبارة في المخطوطة.