شيء ؛ وذلك المتحصّل هو المثل الأعلى ؛ في قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) (النحل : ٦٠) ، وقد جاء : (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ) (محمّد : ١٩) ففسر بجهة الوحدانية.
وقال مجاهد (١) في قوله تعالى : (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) (الرعد : ٦) : (٢) [هي الأمثال ، وقيل : العقوبات.
وقال الزمخشريّ (٣) : «المثل في الأصل بمعنى المثل ، أي النظير ؛ يقال : مثل ومثل ومثيل كشبه وشبه وشبيه. ثم قال : ويستعار للحال ، أو الصفة ، أو القصّة إذا كان لها شأن وفيها غرابة».
وظاهر كلام أهل اللغة أن «المثل» ـ بفتحتين ـ الصّفة كقوله :] (٢) (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) (البقرة : ١٧) ، وكذا (مَثَلُ الْجَنَّةِ) (الرعد : ٣٥). وما اقتضاه كلامه من اشتراط الغرابة [٧٤ / ب] مخالف أيضا لكلام اللّغويين. وما قاله من أن المثل والمثل بمعنى ينبغي أن يكون مراده باعتبار الأصل وهو الشبه ؛ وإلا فالمحققون كما قاله ابن العربيّ (٤) على أن المثل ـ بالكسر ـ عبارة عن شبه المحسوس ، وبفتحتها عبارة عن شبه المعاني المعقولة ، فالإنسان (٥) مخالف للأسد في صورته مشبه (٦) له في جراءته وحدّته ، فيقال للشجاع (٧) أسد ، أي يشبه الأسد في الجرأة ، ولذلك يخالف الإنسان الغيث في صورته ، والكريم من الإنسان يشابهه في عموم منفعته.
وقال غيره : لو كان المثل والمثل سيان للزم التنافي بين قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى : ١١) ، وبين قوله : (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) (النحل : ٦٠) فإن الأولى نافية له والثانية مثبتة له.
وفرّق الإمام فخر الدين بينهما بأن المثل هو الذي يكون مساويا للشيء في تمام الماهية ، والمثل هو الذي يكون مساويا له في بعض الصفات الخارجة عن الماهية.
__________________
(١) انظر تفسير مجاهد ١ / ٣٢٤.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٣) في الكشاف ١ / ٣٨.
(٤) هو أبو بكر بن العربي تقدم ذكره في ١ / ١٠٩.
(٥) في المخطوطة (كالإنسان).
(٦) في المخطوطة (شهد).
(٧) في المخطوطة (الشجاع).