أنكحة الكفار من قوله تعالى : (امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) (التحريم : ١١) ، (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) (المسد : ٤) ونحوه ، واستنباط (١) عتق الأصل والفرع بمجرد الملك (٢) من قوله تعالى : (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً* إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) (مريم : ٩٢ و ٩٣) ، فجعل العبودية منافية للولادة حيث ذكرت في مقابلتها ؛ فدلّ على أنهما لا يجتمعان ، واستنباطه حجيّة الإجماع من قوله : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) (النساء : ١١٥) ، واستنباطه صحة صوم الجنب من قوله تعالى : (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ) إلى قوله : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) (البقرة : ١٨٧) ، فدلّ على جواز الوقاع في جميع الليل ، [٧٥ / ب] ويلزم منه تأخير الغسل إلى النهار ؛ وإلا لوجب أن يحرم الوطء في (٣) آخر جزء من الليل بمقدار ما يقع الغسل فيه.
* والثاني ما يستنبط مع ضميمة آية أخرى ، كاستنباط عليّ وابن عباس رضياللهعنهما [أنّ] (٤) أقلّ الحمل ستة أشهر من قوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (الأحقاف : ١٥) مع قوله : (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) (لقمان : ١٤) ؛ وعليه جرى الشافعيّ ، واحتجّ بها أبو حنيفة على أن أكثر الرضاع سنتان ونصف (ثَلاثُونَ شَهْراً) ووجهه أنّ الله تعالى قدّر لشيئين مدّة واحدة فانصرفت المدة بكمالها إلى كلّ واحد منهما ، فلما أقام (٥) النّصّ في أحدهما بقي الباقي (٦) على أصله ، ومثّل ذلك بالأجل الواحد للمدينين (٧) ؛ فإنه مضروب بكماله لكل واحد منهما ، وأيضا فإنه لا بدّ من اعتبار مدّة يبقى فيها الإنسان بحيث يتغير إلفه (٨) ، فاعتبرت مدة يعتاد الصبيّ فيها غذاء طبيعيا غير اللبن ، ومدّة الحمل قصيرة ، فقدمت الزيادة على الحولين.
فإن قيل : العادة الغالبة في مدة الحمل تسعة أشهر ، وكان المناسب في مقام الأسنان (٩) ذكر الأكثر المعتاد ، لا الأقلّ النادر ، كما في جانب الفصال؟
قلنا : لأنّ هذه المدة أقلّ مدة الحمل ، ولما كان الولد لا يعيش غالبا إذا وضع لبستة أشهر ، كانت مشقّة الحمل في هذه المدة موجودة لا محالة في حق كل مخاطب ، فكان ذكره
__________________
(١) في المطبوعة : (واستنباطه).
(٢) في المخطوطة : (بمجرد ذلك).
(٣) في المطبوعة : (إلى آخر).
(٤) ليست في المخطوطة ، وأثبتناها من المطبوعة.
(٥) في المطبوعة : (فلما قام).
(٦) في المطبوعة : (الثاني).
(٧) في المطبوعة : (للدينين).
(٨) في المطبوعة : (الغذاء).
(٩) في المطبوعة : (الامتنان).