إلا بشرط الموافاة عليها ؛ وهو مذهب الشافعيّ رضياللهعنه ، وإن كان قد تورّع في هذا التقرير.
ومن هذا الإطلاق تحريم الدم وتقييده في موضع آخر بالمسفوح. وقوله : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) (النساء : ٤٣) ، وقال في موضع آخر : (مِنْهُ) (المائدة : ٦).
وقوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) (الشورى : ٢٠) فإنه لو قيل : نحن نرى (١) من يطلب الدنيا حثيثا ولا يحصل له منها شيء! قلنا : قال الله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) (الإسراء : ١٨) ، فعلّق ما يريد بالمشيئة والإرادة.
ومثله قوله تعالى : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) (البقرة : ١٨٦) ، وقوله : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر : ٦٠) ، فإنه معلّق (٢).
(تنبيه) اختلف الأصوليّون في أنّ حمل المطلق على المقيد : هل هو من وضع اللغة أو بالقياس ، على مذهبين ؛ فالأولون يقولون : [إن] (٣) العرب من مذهبها استحباب الإطلاق اكتفاء بالمقيد وطلبا للإيجاز والاختصار ؛ وقد قال تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (ق : ١٧). والمراد «عن اليمين قعيد» ؛ ولكن حذف لدلالة الثاني عليه.
وزعم بعضهم أن القرآن كالآية الواحدة ، لأنّ كلام الله تعالى واحد ؛ فلا بعد أن يكون المطلق كالمقيّد (٤).
قال إمام الحرمين : وهذا غلط ؛ لأن الموصوف بالاتحاد الصفة القديمة المختصّة بالذات ؛ وأما هذه الألفاظ والعبارات فمحسوس تعدّدها ، وفيها الشيء ونقيضه ؛ كالإثبات والنفي ، والأمر والنهي (٥) [إلى غير ذلك من أنواع النقائض التي لا يوصف الكلام القديم بأنه عليها.
* (والثاني) كإطلاق صوم الأيّام في كفارة اليمين] (٥) وقيّدت بالتتابع في كفارة الظهار
__________________
(١) تصحفت في المخطوطة إلى (نوتي).
(٢) تصحفت في المخطوطة إلى (مطلق).
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (كآية المقيد).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، وقوله (الثاني) أي من القسمين المذكورين صفحة (٢ / ١٤٠).