الهاشميّ (١) : «يعني ألاّ تخالف الناس برأيك في الاتباع». قال : وبمعناه بلغني عن أبي عبيد (٢) في تفسير ذلك : «وترى القراء لم يلتفتوا إلى مذهب العربية في القراءة إذا خالف ذلك خط المصحف ، واتباع حروف المصاحف عندهم كالسّنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعدّاها».
مسألة
هل يجوز كتابة القرآن بقلم غير العربي؟ هذا مما لم أر للعلماء فيه كلاما. ويحتمل الجواز ؛ لأنه قد يحسّنه من يقرأه بالعربية ، والأقرب المنع ، كما تحرم قراءته بغير لسان العرب ، ولقولهم : القلم أحد اللسانين ، والعرب لا تعرف قلما غير العربيّ [وقد] (٣) قال تعالى : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (الشعراء : ١٩٥).
***
واعلم أن الخطّ جرى على وجوه : منها ما زيد فيه (٤) على اللفظ ؛ ومنها ما نقص ، ومنها ما كتب على لفظه ، وذلك لحكم خفية ، وأسرار بهيّة ، تصدّى لها أبو العباس المراكشيّ الشهير بابن البناء (٥) ؛ في كتابه : «عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل» (٦) ، وبين أنّ هذه الأحرف إنما اختلف حالها في الخط بحسب اختلاف أحوال معاني كلماتها.
__________________
(١) هو سليمان بن داود بن داود بن علي الهاشمي ، أبو أيوب محدّث ، روى عن ابن عيينة ومحمد بن إدريس الشافعي وغيرهم ، وروى عنه البخاري والأربعة وأحمد بن حنبل وغيرهم ، قال الشافعي : «ما رأيت أعقل من رجلين : أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي» وقال العجلي وابن سعد وأبو حاتم وغيرهم : ثقة. توفي سنة ٢١٩. (الخطيب تاريخ بغداد ٩ / ٣١ ـ ٣٢).
(٢) هو القاسم بن سلام تقدم ذكره في ١ / ١١٩.
(٣) ساقط من المطبوعة.
(٤) في المطبوعة (فيها ما زيد عليه على اللفظ).
(٥) هو أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي ؛ أبو العباس ابن البناء المراكشي ، كان فاضلا عاقلا نبيها ، انتفع به جماعة في التعليم أخذ عن قاضي الجماعة أبي عبد الله محمد بن علي بن يحيى المراكشي. وله تصانيف منها : «التلخيص في الحساب» توفي سنة ٧٢١ (ابن حجر ، الدرر الكامنة ١ / ٢٧٨).
(٦) ذكره السيوطي في الإتقان ٤ / ١٤٥ النوع السادس والسبعون في مرسوم الخط وآداب كتابته ، وذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ٢ / ١١٧٤.