قال ابن العربي (١) : ومن أغرب آية في النسخ قوله تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (الأعراف : ١٩٩) ، أولها وآخرها منسوخان ، ووسطها محكم.
وقسمه الواحدي (٢) أيضا إلى نسخ ما ليس بثابت التلاوة كعشر رضعات ، وإلى نسخ ما هو ثابت (٣) [التلاوة بما ليس بثابت التلاوة كنسخ الجلد في حق المحصنين بالرجم ، والرجم غير] (٣) متلوّ الآن ، وإن (٤) كان يتلى على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فالحكم ثبت والقراءة لا تثبت ، كما يجوز أن تثبت التلاوة في بعض ولا يثبت الحكم. وإذا جاز أن يكون قرآن (٥) [ولا يعمل به جاز أن يكون قرآن] (٥) يعمل به ولا يتلى ؛ وذلك أن الله عزوجل أعلم بمصالحنا ، وقد يجوز أن يعلم من مصلحتنا تعلق العمل بهذا الوجه.
(التنبيه الثالث) قسم بعضهم النسخ من وجه آخر إلى ثلاثة أضرب :
الأول : نسخ المأمور [به] (٦) قبل امتثاله ، وهذا الضرب هو النسخ على الحقيقة ، كأمر الخليل بذبح ولده. وكقوله تعالى : (إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (المجادلة : ١٢) ثم نسخه سبحانه [بقوله] (٧) : (أَأَشْفَقْتُمْ ...) الآية (المجادلة : ١٣).
الثاني : ويسمى نسخا تجوّزا ، وهو ما أوجبه (٨) الله على من قبلنا كحتم القصاص ولذلك قال عقب تشريع الدّية : (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) (البقرة : ١٧٨) وكذلك ما أمرنا الله به أمرا إجماليّا (٩) ثم نسخ ، كنسخه التوجّه إلى [بيت الله] (١٠) المقدّس بالكعبة (١١) ، فإنّ ذلك كان واجبا علينا من قضية أمره باتباع الأنبياء قبله ، وكنسخ صوم [يوم] (١٢) عاشوراء برمضان.
__________________
(١) هذا القول لهبة الله بن سلامة في الناسخ والمنسوخ ص ٩٠ ـ ٩١.
(٢) هو علي بن أحمد بن محمد النيسابوري ، تقدم في ١ / ١٠٥.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٤) في المطبوعة (وإنه).
(٥) ساقط من المخطوطة.
(٦) ساقط من المخطوطة.
(٧) ساقط من المخطوطة.
(٨) تحرّفت في المخطوطة إلى (أوجا).
(٩) تحرفت في المخطوطة إلى (جملا).
(١٠) ساقط من المخطوطة.
(١١) إشارة إلى قوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ...) الآية (١٤٤) من سورة البقرة.
(١٢) ساقط من المخطوطة.