قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) (المائدة : ٤) ، فجعل النهي فيمن اصطاده في الحرم ، وخصّ من اصطاده في الحل وأدخله حيّا فيه.
الثالث : أن يكون أحد الظاهرين مستقلا بحكمه ؛ والآخر مقتضيا لفظا يزاد عليه ، فيقدم المستقلّ بنفسه عند المعارضة والترتيب ؛ كقوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (البقرة : ١٩٦) ، [مع] (١) قوله : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (البقرة : ١٩٦) ، وقد أجمعت الأمة [على] (١) أن الهدي لا يجب بنفس الحصر ، و [ليس] (١) فيه صريح الإحلال بما يكون سببا له ، فيقدم المنع من الإحلال عند المرض بقوله : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (البقرة : ١٩٦) على ما عارضه من الآية.
* الرابع أن يكون كل واحد من العمومين محمولا على ما قصد به في الظاهر عند الاجتهاد ، فيقدّم ذلك على تخصيص كل واحد منهما من المقصود بالآخر ، كقوله : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) (النساء : ٢٣) ، بقوله : (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) (٢) (النساء : ٣٦) فيخصّ الجمع بملك اليمين ، بقوله تعالى : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ) (٣) (النساء : ٢٣) فتحمل آية الجمع على العموم ، والقصد فيها بيان ما يحلّ وما يحرم ، وتحمل آية الإباحة على زوال اللوم فيمن أتى بحال.
الخامس : أن يكون تخصيص أحد الاستعمالين على لفظ تعلّق بمعناه والآخر باسمه ، كقوله : (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) (المائدة : ١٠٦) مع قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ [فَتَبَيَّنُوا]) (٤) (الحجرات : ٦) الآية ؛ فيمكن أن يقال في الآية بالتبيّن عند شهادة الفاسق ، إذا كان ذلك من كافر على مسلم ، أو مسلم فاسق على كافر ، وأن يقبل الكافر على الكافر وإن كان فاسقا ، أو يحمل ظاهر قوله : (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) (المائدة : ١٠٦) على القبيلة دون الملّة ، ويحمل الأمر بالتثبت على عموم النسيان في الملّة ؛ لأنه رجوع إلى تعيين اللفظ وتخصيص الغير بالقبيلة لأنه رجوع إلى الاسم على عموم الغير.
السادس : ترجيح ما يعلم بالخطاب ضرورة على ما يعلم منه ظاهرا ، كتقديم قوله
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (أيمانهم).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ليست في المخطوطة.